وفيها رجع العسكر الذين توجهوا إلى حلب وهم في غاية النصرة على عسكر التتار.
وفيها قبض السلطان على جماعة من الأمراء الذين كانوا في التجريدة … وهم: الأمير الطنبغا المعلم أمير سلاح، والأمير قردم الحسى رأس نوبة النوب … وأرسلهم إلى السجن بثغر الاسكندرية، ثم أرسل السلطان بالقبض على الطنبغا الجوباني نائب الشام وسجنه، وأرسل خلعة إلى الأمير طرنطاي حاجب دمشق بأن يستقر نائب الشام عوضا عن الطنبغا الجوباني، وأرسل خلعة إلى الأمير استدمر حاجب طرابلس بأن يكون نائب طرابلس، واستقر بالأمير سودون العثماني نائب حماة.
وفيها توفى قاضي القضاة الشافعي برهان الدين بن جماعة الحموي الكناني، وتوفى الشيخ علاء الدين السيرامي الحنفي شيخ المدرسة البرقوقية، وتوفى الصاحب علم الدين بن القسيس المعروف بكاتب سيدي. وتوفى الأمير بهادر المنجكي الذي كان استادارا.
وتوفى الشيخ شهاب الدين بن النقيب من أعيان العلماء.
[سنة احدى وتسعين وسبعمائة (١٣٨٩ م)]
فيها - في أوائل صفر - ابتدأ السلطان بشرب القمز، وهو عبارة عن لبن مصنوع محمض، وكان الملوك تعودوا ذلك، فرسم السلطان للأمراء بأن يجتمعوا في كل يوم أربعاء في الميدان الذي تحت القلعة ويشربوا القمز، وكان ذلك من جملة شعائر المملكة، فتجتمع الأمراء بحضرة السلطان ويجلسون في مراتبهم، ويبقى الأوزان عمال، والأمراء بالشاش والقماش، والسقاة يسقونهم القمز في الزبادى الصيني، وكان القمز يسكر مثل الشرس، ويسمى قراقمز.
وفيها وقع الطاعون بمصر، ومات من الناس من كبار وصغار ما لا يحصى عددهم، وأقام مدة، وكثرت الأمراض حتى بيعت البطيخة الصيفي بأشرفيين ولا توجد، ولكن بطل ذلك من بعد الملك الظاهر برقوق.
وفي هذه السنة جاءت الأخبار بأن يلبغا الناصري نائب حلب خامر وخرج عن الطاعة وقتل الأمير سودون المطفري الذي كان نائب حلب قبله، وقتل أربعة أنفس من مماليك سودون، وأمسك حاجب الحجاب بحلب وجماعة من أمرائها. وسبب ذلك أنه كان قد وقع بينه وبين سودون المظفري تشاجر، فارسل سودون يشتكي من يلبغا الناصري إلى السلطان بما وقع منه في حقه. فلما بلغ السلطان ذلك أرسل الأمير تلكتمر المحمدي الدوادار الثاني إلى حلب ليصلح بين يلبغا الناصري وبين سودون المظفري. وقيل أن السلطان أرسل في الدس مراسيم على يد الأيمر تلكتمر إلى سودون المظفري بأن يقبض