للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا يدفعون النصيب فيها … إلا لمن يترك الشهادة

[سنة أربع وعشرين وسبعمائة (١٣٢٤ م)]

فيها حضر إلى الأبواب الشريفة موسى ملك التكرور وصحبته هدايا جليلة إلى السلطان، وسبب توجهه إلى مصر أنه قصد الحج في تلك السنة فحج ورجع إلى بلاده.

وفي هذه السنة رسم السلطان بحفر الخليج الناصري، وسبب ذلك أن الخليج القديم، المسمى بخليج الذكو، كان قد تلاشى أمره وعمى، فأمر السلطان بحفر هذا الخليج، وجعل مبدأه من عند موردة الجبس إلى أن أوصله بالخليج الحاكمي من عند زقاق الكحل، ثم وزع حفره على جماعة من الأمراء بالقصبة الحاكمية. وسبب ذلك أن الأمراء الذين تعاونوا على حفره كان لهم بلاد تنتفع بالري من هذا الخليج، فوزع السلطان حفره عليهم، فاحتفلوا به وحفروه حتى نبع الماء من أرضه، وانتجز منه العمل في مدة شهرين. فلما أخذوا في أسباب حفره أرادوا أن يوصلوه بالخليج الحاكمي من كوم الريش، فأشار عليهم شخص من الصالحين يقال له الشيخ علي الرطلي بأن يمشوا به من بركة قرموط، فعطفوا به من عند القنطرة العسراء ومشوا به إلى الخليج الحاكمي وطلعوا من قبالة زقاق الكحل.

وإلى الشيخ علي الرطلي تنتسب بركة الرطلي، وكان هذا المكان قديما يعرف بأرض الطبالة، فلما مشى هذا الخليج الناصري بالماء جاء أحيا من خليج الذكو وأكثر مياها، قيل لما أوفى النيل في تلك السنة ودخل الماء إلى الخليج الناصري كان له يوم مشهود، ونزل السلطان واجتمع الأمراء يوم كسر سده، وفي ذلك يقول الشيخ شهاب الدين بن أبي حجلة المغربي:

ولرب أقطع قال لي بيتا وقد … كسر الخليج وجاء كالطوفان

أجرى لنا السلطان بحرا ثانيا … ما لي بشكر نوالهن يدان

وفي هذه السنة ابتدأ الأمير بكتمر - حاجب الحجاب - يحفر بركته المعروفة الآن ببركة الرطلي، وأجرى إليها الماء من الخليج الناصري، وعمل لها جسرا بينها وبين الخليج، وأرض البركة جارية إلى الآن في وقف الأمير بكتمر الحاجب.

وفي هذه السنة برزت المراسيم الشريفة إلى نائب حلب بأن يروك البلاد الحلبية كما فعل في البلاد الشامية، فخرج أمير من الأمراء العشراوات ومعه جماعة من المباشرين

<<  <  ج: ص:  >  >>