فلما عزل الخليفة حمزة من الخلافة تكلموا فيمن يلي بعده الخلافة، فوقع الاتفاق على ولاية أخيه الجمالي يوسف بن محمد المتوكل.
- خلافة المستنجد بالله أبي المحاسن
هو المستنجد بالله، أبو المحاسن يوسف بن محمد المتوكل على الله. وهو الثالث عشر من خلفاء بني العباس بمصر. بويع بالخلافة بعد خلع أخيه حمزة في يوم الخميس ثالث عشر رجب سنة تسع وخمسين وثمانمائة، وكانت صفة ولايته أن عمل موكب بالقصر، وطلع القضاة الأربعة وهم: علم الدين صالح البلقيني الشافعي، وسعد الدين الحنفي، وولي الدين السنباطي المالكي، وعز الدين الحنبلي، فلما تكامل المجلس سكت القضاة ساعة لم يتكلم منهم احد في شيء، فقال قاضي القضاة علم الدين صالح البلقيني:"نقل بعض علماء مذهبي أن السلطان له أن يعزل الخليفة ويولي غيره … فهذا كان حاصل المسألة في خلع الخليفة حمزة وولاية أخيه الجمالي يوسف". .. فعند ذلك قام القاضي كاتب السر محب الدين بن الأشقر، وقال في المجلس:"نشهد عليك - يا مولانا السلطان - أنك عزلت الخليفة حمزة من الخلافة ووليت أخاه الجمالي يوسف". .. فقال:"نعم". .. فأحضروا له التشريف، وأفيض عليه، وتلقب بالمستنجد بالله، ونزل من القلعة في موكب حافل، والقضاة الأربعة قدامه، وأعيان الناس، حتى أوصلوه إلى بيته وهو في غاية العظمة، وقد طالت أيامه في الخلافة جدا.
ثم أن السلطان قبض على جماعة من المماليك الظاهرية، ممن كانوا سببا لإقامة هذه الفتنة، وسجنهم بالبرج، واختفى منهم جماعة كثيرة، ونفى منهم جماعة إلى البلاد الشامية.
وفيه قدم الأمير برد بك - صهر السلطان -
وكان قد توجه إلى القدس كما تقدم. فلما حضر أتى صحبته زين الدين الاستادار، وكان السلطان نفاه إلى القدس. فلما عاد خلع عليه السلطان وأعاده إلى الاستادارية، وصرف عنها قاسم الكاشف.
وفيه أدير المحمل على العادة، وساق الرماحة أحسن سوق.
وفيه توفيت خوند زاده بنت أورخان بن محمد ابن عثمان ملك الروم، وهي زوجة الظاهر جقمق، وتزوجت أيضا بالأشرف برسباي، وماتت في عصمة برسباي البجاسي حاجب الحجاب.
وفيه قبض السلطان على يشبك النوروزي نائب طرابلس، وحمل إلى قلعة المرقب فسجن بها.