الملك الناصر محمد ابن أخته، ولولا تراخيه لما قدروا على قتله. ومنها أنه رسم بشنق بدر الدين بن مزهر، كاتب السر، حتى شفع فيه طومان باي الدوادار. ومنها أنه كان غير عفيف الذيل على ما قيل والله أعلم.
- الملك الأشرف أبو النصر جان بلاط
هو الملك الأشرف أبو النصر جان بلاط بن يشبك الأشرفي، وهو الرابع والأربعون من ملوك الترك وأولادهم بالديار المصرية، وهو الثامن عشر من ملوك الجراكسة وأولادهم في العدد وكان أصله جركسي الجنس، اشتراه الأمير يشبك بن مهدي أمير دوادار كبير، وأقام عنده مدة، وحفظ القرآن. ثم إن الأمير يشبك قدمه مع جملة مماليك إلى الأشرف قايتباي رحمه الله تعالى، ثم أخرج له خيلا وقماشا وصار من جملة المماليك الجمدارية، ثم بعد مدة بقي خاصكيا. ثم بقي دوادار سكين، وسافر أمير حاج بالركب الأول وهو خاصكي غير ما مرة، ثم أنعم عليه السلطان بامرية عشرة في سنة أربع وتسعين وثمانمائة، وسافر إلى الحجاز أمير ركب المحمل وهو أمير عشرة، وقرر في نظر الخانقاه، ثم توجه قاصدا إلى ابن عثمان ملك الروم في سنة ست وتسعين وثمانمائة، وكان يومئذ أمير طبلخاناه تاجر المماليك. ثم بقي مقدم ألف في آخر دولة الأشرف قايتباي، ثم بقي دوادارا كبيرا عوضا عن أقبردي في دولة الناصرية، ثم قرر في نيابة حلب وخرج إليها. فلما تولى السلطنة الظاهر قانصوه نقله إلى نيابة الشام عوضا عن كرتباي الأحمر بحكم وفاته، ثم أحضر إلى القاهرة وقرر في الأتابكية عوضا عن الأتابكي أزبك بحكم وفاته. ثم تزوج بخوند أصلباي أم الملك الناصر، واستمر على ذلك حتى وثب طومان باي على الظاهر قانصوه وخلعه من السلطنة وانكسر، فوقع الاتفاق على سلطنته على كره من الأمراء والعسكر.
وكانت صفة مبايعته: أنه لما تسحب الظاهر قانصوه من القلعة، واختفى كما تقدم، أقامت القاهرة يومين بغير سلطان. فلما كان يوم الاثنين ثاني ذي الحجة، صعد الأمراء والعسكر إلى باب السلسلة، واشتوروا فيمن يلي السلطنة، وكانت قصد الأمير طومان باي الذي تسلطن فيما بعد، ولكن كان قدامه جان بلاط، وتاني بك الجمالي أمير مجلس، فلم يجسر أن يتسلطن، وكان العسكر غير راض بجان بلاط، فما وسع طومان باي إلا أنه تعصب له وسلطنه … فأرسل خلف أمير المؤمنين المستمسك بالله يعقوب، والقضاة الأربعة - وهم زين الدين زكريا الشافعي، والبرهان بن الكركي الحنفي، وعبد الغني بن تقي المالكي، والشهاب الشيشيني الحنبلي - فلما تكامل المجلس عملوا صورة محضر