للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فخرج إليهم، فاجتمعوا بالحوش السلطاني، فلما رأوا الملك الصالح قد حضر، باس له الأرض سائر الأمراء، ثم طلبوا القضاة الأربعة، وبايعه الخليفة بالسلطنة ثانيا، وكان عوده إلى الملك على غير القياس، فكان كما قيل في المعنى:

أيها الإنسان صبرا … إن بعد العسر يسرا

كم لزمنا الصبر حتى … عاد ليل الهم فجرا

فكانت مدة سلطنة الملك الظاهر برقوق في هذه المرة ست سنين وثمانية أشهر وسبعة عشرين يوما، وكانت مدة اقامته في الأتابكية خمس سنين إلا أشهرا، فحكم بالديار المصرية أتابكا وسلطانا احدى عشرة سنة وخمسة أشهر وسبعة عشر يوما. فهذه كانت مدة سلطنة برقوق الأولى، وسيعود إلى السلطنة ثاني مرة كما سيأتي ذكر ذلك في موضعه إن شاء الله تعالى.

- عود الملك الصّالح أمير حاج

حين عاد الملك الصالح أمير حاج، ابن الملك الأشرف شعبان بن حسين إلى السلطنة - وهي السلطنة الثانية - جلس على سرير الملك بعد أن بايعه الخليفة بحضرة القضاة الأربعة، وباس له الأمراء الأرض، وركب بشعار الملك من الحوش السلطاني إلى القصر الكبير، فمد هناك السماط وجلس عليه وهو بشعار الملك.

ثم إنّ الأمير يلبغا الناصري لما تولى الملك الصالح هذه المرة غير لقبه ولقبه بالملك المنصور، وهذا لم يتفق قط - فان الملك الناصر محمد بن قلاون لما خلع من الملك وعاد إليه ثلاث مرات لم يتغير لقبه - ثم نادوا باسمه في القاهرة، وضج الناس له بالدعاء.

فلما تم أمره في السلطنة عمل الموكب وطلع إليه سائر الأمراء. فلما تكامل الأمراء في الموكب تقدم الأمير يلبغا الناصري وقبض على المقر السيفي سودون القحرى الشيخوني نائب السلطنة، وقبض على الأمير سودون باق، وقبض على الأمير سودون الطرنطاى، وقبضع على سيدي أبي بكر بن سنقر الجمالي - وكان سيدي أبو بكر هذا حاجب الحجاب في دولة الملك الظاهر برقوق - وقبض على الأمير بجاس النوروزي، وقبض على الأمير أقبغا المارديني، والأمير شيخ الصفوي والأمير قجماس ابن عم الملك الظاهر برقوق، وقبض على الأمير محمود بن علي الضاهرى استادار العالية، فكان عدة من أمسك في ذلك اليوم من الأمراء المقدمين تسعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>