خمسمائة مملوك - قد وصلوا إلى القلعة، فعين لهم السلطان بطا الخاصكي، وسكرباى الخاصكي، ومعهما نحو عشرين مملوكا، فنزلوا إليهم وأوقعوا معهم في الرميلة واقعة قوية، فكسر عسكر يلبغا الناصري وطردوهم إلى تحت المنجكية. فلما بلغ يلبغا الناصري أن جاليشه قد انكسر هم بالهروب من هناك، وأرسل بركه وقماشه إلى القنطرة التي عند المرج والزيات خوفا من النهب.
فلما كانت ليلة الاثنين سابع عشرى جمادي الأولى تسحب من كان بقي عند السلطان من الأمراء والمماليك ولم يبق عنده سوى سيدي أبي بكر بن سنقر الجمالي، وبيدمر المجدي شاد القصر، فقال السلطان لسيدي أبي بكر:"خذ الترس والنمشاه وامض إلى يلبغا الناصري، وقل له السلطان يسلم عليك، ويقول لك بأنك تؤمنه على نفسه من القتل". ..
فمضى سيدي أبو بكر وبيدمر المجدي إلى الأمير يلبغا، وذكرا له ما قاله السلطان، فقال الأمير يلبغا:"هو آمن على نفسه من القتل، ولكن قولا له يختفي من القلعة حتى تنكسر حدة العسكر الذي حضر من الشام عنه، وبعد ذلك يفعل الله ما يشاء، وما يكون إلا خير".
فلما رجع سيدي أبو بكر بن سنقر وبيدمر من عند الأمير يلبغا الناصري بهذه الرسالة، وأخبراه بما قاله الأمير يلبغا، أقام في باب السلسلة والخليفة المتوكل عنده إلى أن صلى العشاء، وقام الخليفة من عنده فبقى هو وخمسة من المماليك الجمدارية فأمرهم بالانصراف، فلما انصرفوا قام السلطان ودخل المبيت، وقلع تخفيفته ولبس له عمامة وجوخة من فوق ثيابه، وأخذ في يده عصاه ونزل من باب السلسلة بعد العشاء واختفى.
فلما نزل السلطان من باب السلسلة وقع النهب في الحواصل السلطانية، وذلك في ليلة الاثنين خامس جمادي الآخرة من السنة المذكورة.
فلما أصبح يوم الاثنين وصل الأمير يلبغا الناصري، وصحبته الأمير تمربغا الأفضلي المعروف بمنطاش مملوك الملك الظاهر برقوق. فلما وصلوا إلى الرميلة وقفوا بسوق الخيل هم والعسكر الذي حضر معهم من البلاد الشامية فوقفوا ساعة. ثم أن الخليفة المتوكل أتى إلى الأمير يلبغا وسلم عليه، ثم طلع الأمراء والخليفة إلى باب السلسلة واشتوروا في ذلك اليوم فيمن يولونه سلطانا، وبات في تلك الليلة العسكر بغير سلطان.
فلما أصبحوا يوم الثلاثاء وقع الاتفاق بين الأمراء على عود الملك الصالح أمير حاج، ابن الأشرف شعبان الذي خلعه برقوق من السلطنة، وكان مقيما بدور الحرم فطلبوه،