للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولما قتل الأشرف خليل، وجرى للأمير بيدرا ما جرى، وقع رأى الأمراء على سلطنة محمد ابن قلاون أخي الأشرف خليل فسلطنوه ولقبوه بالملك الناصر، وكان القائم في ذلك الأمير كتبغا.

- الملك الناصر

هو الملك الناصر محمد، ابن الملك المنصور قلاون، وهو التاسع من ملوك الترك وأولادهم بالديار المصرية والبلاد الشامية، تسلطن بعد قتل أخيه الملك الأشرف خليل في يوم الخميس ثامن عشر المحرم سنة ثلاث وتسعين وستمائة.

وكان له من العمر لما تسلطن نحو تسع سنين ودخل في العاشرة، وكان مولده سنة أربع وثمانين وستمائة، وكانت أمه أشلون بنت الأمير شنكاي، فلما أن تسلطن خلع على الأمير كتبغا واستقر به نائب السلطنة عوضا عن الأمير بيدرا، وخلع على الأمير سنجر الشجاعي واستقر به وزيرا عوضا عن الأمير شمس الدين بن السعلوس، وخلع على الأمير بيبرس الجاشنكير واستقر به استادارا وكاشف الكشاف … وفي ذلك اليوم طافوا برأس بيدرا على رمح، ثم علقوه على باب القلعة.

ولما تولى الملك الناصر واستقر أمره، قبض الشجاعي على جماعة من الأمراء ممن كانوا سببا في قتل الأشرف خليل … فقبض على الأمير قفجق السلحدار، والأمير قرمش السلحدار، والأمير بورى السلحدار، وهو صاحب الدرب المنسوب إليه، والأمير لاجين جركس، والأمير مغلطاي المسعودي، والأمير كردي الساقي وهو صاحب الحمام الذي في المدابغ.

فلما قبض عليهم قيدهم وسجنهم في البرج الذي في القلعة، ثم أنه قبض على جماعة من المماليك السلطانية وسجنهم بخزانة شمايل، ثم أن الأمير بيبرس الجاشنكير تولى عقوبة هؤلاء الأمراء وصار يقررهم على من كان سببا في قتلة الأشرف خليل. ثم رسم الأمير كتبغا بقطع أيديهم وأرجهلم، وسمروا على الجمال، وطافوا بهم في القاهرة، وكان يوما مشهودا لم يسمع بمثله، ثم وسطوهم في سوق الخيل ومضى أمرهم.

ثم أن الشجاعي قبض على الصاحب شمس الدين بن السعلوس الذي رأى من العز والعظمة ما لم يره غيره من أرباب الوظائف، فلما قبض عليه الشجاعي جعل يعاقبه ويعصره بالمعاصير حتى مات تحت الضرب، وكانت وفاته في يوم الأحد خامس عشر صفر سنة ثلاث وتسعين وستمائة، فاحتاط الشجاعي على موجوده جميعه، وصادر عياله وغلمانه وحاشيته ونساءه وأقاربه، واستصفى أموالهم جميعها حتى صادر سائر أصحابه،

<<  <  ج: ص:  >  >>