للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فذهبت أمواله، وزال سلطانه، واختفى سعده، وظهر عكسه، وظفرت به أعداؤه، وتولى الدهر عنه وما دعاه، فكان كما قيل:

لا تفرحن بخير جاء من غلط … فللزمان اساءات وإحسان

وكن من الدهر أن يصحو على حذر … فما تقدمت إلا وهو سكران

ومن النكت اللطيفة … قيل إن الصاحب شمس الدين بن السعلوس لما أن رقي وبلغ من العلو ما بلغ في دولة الأشرف خليل، أرسل ابن السعلوس يطلب أقاربه الذين كانوا بدمشق، فكلهم أجابوه إلى الحضور الا شخصا من أقاربه يقال له زين الدين، فإنه أبى الحضور وخاف على نفسه ولم يوافق على الدخول إلى مصر، وكتب إلى ابن السعلوس في رقعة وهو يقول هذين البيتين:

تثبت يا وزير الملك، واعلم … بأنك قد وطئت على الأفاعي

وكن بالله معتصما فإني … أخاف عليك من نهش الشجاعي

فكان الفأل بالمنطق … فما كان عن قريب حتى قتل الأشرف خليل، وتسلم الشجاعي ابن السعلوس، واستصفى أمواله وعاقبه حتى مات تحت العقوبة كما تقدم.

ثم أن سنجر الشجاعي لما رأى أن الوقت قد صفا له وصار صاحب الحل والعقد بالديار المصرية، استخف بالسلطان الملك الناصر محمد لصغر سنه، فحدثته نفسه بالسلطنة، فصار يرمي الفتن بين الأمراء وبين الأمير كتبغا نائب السلطنة، فصار مع الأمير كتبغا فريق من العسكر، وفريق مع الشجاعي … فكان الشجاعي يبذل الأموال على جماعة من المماليك البرجية حتى قيل أنه أنفق عليهم في يوم واحد ثمانين ألف دينار، واتفق معهم بأن كل من قتل أميرا وجاء برأسه من عصبة الأمير كتبغا يأخذ بيته وبركه وأقطاعه. فلما بلغ ذلك الأمير كتبغا اجتمع بأعيان خشداشينه وألبسهم آلة الحرب ووقفوا في سوق الخيل. فلما علم الشجاعي بذلك أغلق باب القلعة وعلق السنجق السلطاني ودق الكئوسات حربي، ثم صار ينتظر من يطلع إليه من الأمراء فلم يطلع إليه أحد، وصار الأمير كتبغا يحاصر القلعة وقطع عنها الماء، فلما كان يوم الجمعة ثالث عشر من صفر نزل المماليك البرجية من القلعة على حين غفلة ووقعوا مع الأمير كتبغا واقعة قوية حتى كاد الأمير كتبغا أن ينكسر. ثم كسرت عصبة الأمير كتبغا فاجتمع معه الأمير بيسري،

<<  <  ج: ص:  >  >>