للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والأمير بكتاش أمير سلاح، والأمير بكتوت العلائي، والأمير أيبك الموصلي، والأمير آق سنقر، والأمير بلبان الحسني، وغير هؤلاء جماعة كثيرة من الأمراء الأربعين والأمراء العشراوات والمماليك السلطانية … فوقعوا مع المماليك البرجية واقعة قوية، فانكسر المماليك البرجية وطلعوا إلى القلعة منهزمين، وليس لهم من ناصر ولا معين.

ثم أن خوند أشلون، أم الملك الناصر محمد، أرسلت خلف الأمير كتبغا من باب السلسلة، وتحدثت معه من أعلى السور، وقالت له: "ايش قصدك حتى نفعله؟ … إن كان قصدك أن تخلع إبني من السلطنة فافعل". فقال الأمير كتبغا: "أعوذ بالله السميع العليم! والله لو بقي من أولاد أستاذنا بنت عمياء ما اخرجنا الملك عنها، ولا سيما ابن استاذنا رجل وفيه كفاءة لذلك. وإنما قصدنا القبض على الشجاعي واخماد الفتنة". .. فانفصل الأمر على ذلك.

فلما سمع من كان من عصبة الشجاعي ما جرى صاروا ينزلون من القلعة ويجيئون إلى الأمير كتبغا، فلا زالوا على ذلك حتى لم يبق عند الشجاعي إلا القليل. فلما رأى الشجاعي عين الغلب أرسل يطلب الأمان من الأمير كتبغا، فلم يعطه كتبغا أمانا ولا وافقه بقية الأمراء على ذلك.

ثم أن الشجاعي دخل إلى السلطان في صورة أنه يستشيره فيما يكون هذا الأمر وما يفعل في ذلك، فقال له السلطان: "يا عمي ايش آخر هذا الحال الذي أنتم فيه؟ ". فقال له الشجاعي: "هذا كله لأجلك يا ابن أستاذي … فإنهم قصدوا أن يخلعوك من السلطنة ويمسكوني أنا". فقال له السلطان: "يا عمي، أنا أعطيك نيابة حلب واخرج إليهم في هذه الساعة لتستريح منهم". فلم يوافق على ذلك الشجاعي وأغلظ على السلطان في القول، فقام إليه المماليك الذين كانوا عند السلطان وأمسكوه وقيدوه وأرسلوه إلى البرج.

فبينما هو في أثناء الطريق إذ خرج عليه جماعة من المماليك البرجية فقتلوه، وقطعوا رأسه ووضعوها في فوطة حرير، وكان الذي قتل الشجاعي شخصا من المماليك يقال له بهاء الدين أقوش. فلما خرج برأس الشجاعي إلى باب القلعة رآه بعض المماليك البرجية الذين هم من عصبة الشجاعي، فقالوا له: "ما معك في هذه الفوطة؟ ". فقال: "خبز سخن أرسله السلطان إلى الأمراء ليعلموا أن عندنا الخبز كثير". فتركوه حتى مضى ونزل من القلعة … ولو علموا أن معه رأس الشجاعي لقتلوه شر قتلة.

فلما نزل إلى الرميلة رمى برأس الشجاعي بين يدي الأمير كتبغا. فلما رأى الأمراء رأس الشجاعي توجه كل واحد منهم إلى بيته، وخمدت الفتنة، ولم يبق شر بينهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>