فيها جاءت الأخبار بأن أرغون شاه نائب الشام قتل تحت الليل. وسبب ذلك أن الأمير جبغا نائب طرابلس دخل إلى دمشق في جماعة كثيرة من عسكر طرابلس. وكان أرغون شاه نائب الشام مقيما بالقصر الأبلق الذي بدمشق، فدخل عليه الأمير جبغا نائب طرابلس وهو نائم بين عياله فقبض عليه وقيده وسجنه بقلعة دمشق. فلما أصبح الصباح طلب الأمير جبغا القضاة والأمراء بدمشق، وأخرج لهم مرسوم السلطان بالقبض على أرغون شاه نائب الشام، فعند ذلك سكن ما كان بين الناس من الاضطراب، وظنوا أن ذلك صحيح.
ثم أن الأمير جبغا احتاط على موجود أرغون شاه جميعه، فلما كانت ليلة الجمعة رابع عشرى ربيع الأول من تلك السنة، فيها وجدوا أرغون شاه النائب مذبوحا وهو في السجن، فأحضر الأمير جبغا القضاة وكتب محضرا في شأن ذبح أرغون شاه بأنه وجد في السجن مذبوحا ولا يعلم من فعل ذلك. ثم فشا الكلام بين الناس بأن ذلك من فعل الأمير جبغا، فكثر القال والقيل في حق جبغا بأنه هو الفاعل لذلك جميعه، فوثب عليه عسكر دمشق وحاربوه، فهرب جبغا وتوجه إلى نحو المزه - وهي من أعمال دمشق - فلم يتبعه أحد من عسكر الشام وخافوا عقبى ذلك.
ثم أن الأمير جبغا توجه إلى طرابلس بعد ما جرى منه ما جرى.
ثم أن أمراء دمشق كاتبوا السلطان بما وقع من الأمير جبغا، فلما وصل الخبر إلى السلطان أنكر ذلك، وحلف على مصحف أنه لم يكن له علم بذلك. ثم عاد الجواب إلى الأمراء بدمشق بأن السلطان ليس له علم بما جرى من الأمير جبغا، ثم رسم لعسكر دمشق بأن يحاربوا الأمير جبغا ويمشوا عليه في أي مكان كان، فخرج عليه عسكر دمشق قاطبة، وحاربوه وهو في طرابلس، فانكسر الجبغا وقبضوا عليه ودخلوا به إلى الشام
وكان يوم دخوله إلى الشام يوما مشهودا لم يسمع بمثله. وكان في مراسيم السلطان التي جاءت إلى دمشق:"ان ظفرتم بالجبغا فاشنقوه على باب دمشق". فلما ظفروا به شنقوه وعلقوه على باب القلعة كما رسم السلطان، فأقام ثلاثة أيام وهو معلق حتى دفن بعد ذلك، فكان كما قيل: ليس المغر بمحمود ولو سلما.
[سنة احدى وخمسين وسبعمائة (١٣٥٠ م)]
فيها جاءت الأخبار من حلب بأن شخصا من التتار يسمى هندو أغار على مدينة سنجار وملكها، فأرسل السلطان له تجريدة فحاصروه فصلب من العسكر الأمان، ثم رحل