وأما من توفي في أيامه من أيان العلماء فهم: شيخ الإسلام عز الدين بن عبد السلام ﵁ من أكابر علماء الشافعية، وكان يلقب في أيامه بسلطان العلماء، وكانت له كرامات خارقة، ودفن بالقرافة الصغرى، وتوفي الإمام أبو شامة وكان من كبار العلماء، وتوفي قاضي القضاة الشافعي ابن بنت الأعز، وتوفي الشيخ أبو الحسن ابن بنت الأعز، وتوفي الشيخ مجد الدين ابن دقيق العيد والد الشيخ تقي الدين ابن دقيق العيد، وتوفي القرطبي صاحب التذكرة، وتوفي الشيخ ناصر الدين الطوسي، وتوفي اللورقي وكان من كبار العلماء، وتوفي غير هؤلاء من العلماء والأعيان جماعة كثيرة.
- الملك السّعيد
هو الملك السعيد أبو المعالي محمد، بركة خان، ابن الملك الظاهر ركن الدين بيبرس العلائي البندقداري الصالحي النجمي، وهو الخامس من ملوك الترك وأولادهم بالديار المصرية.
بويع بالسلطنة بعد موت أبيه الملك الظاهر. وكان مولده في صفر سنة ثمان وخمسين وستمائة (١٢٦٠ م) وإنما سمي بركة خان على اسم جده لأبيه. فلما تسلطن وجلس على سرير الملك كان القائم بتدبير دولته الأمير بدر الدين بيليك الخازندار نائب السلطنة، فحلف الأمراء، وتم أمره في السلطنة، ومشى على نظام أبيه، واستمر على ذلك مدة يسيرة.
ثم أن الأمير بيليك نائب السلطنة مرض وسلسل في المرض حتى مات … وكان أميرا دينا خيرا كثير البر للفقراء والمساكين. فلما مات كثر عليه الحزن والأسف. فلما انقضت أيامه طاش الملك السعيد واستبد برأيه، فقبض على جماعة من أمراء والده، وهم الأمير سنقر الأشقر والأمير بيسري، وكانا جناحى والده. ثم استقر بالأمير آق سنقر الفارقاني نائب السلطنة عوضا عن الأمير بيليك، فأقام في نيابة السلطنة مدة يسيرة، ثم قبض عليه، وسجنه بثغر الاسكندرية، ثم أرسل بخنقه فخنق ودفن في السجن.
ثم أن الملك السعيد استقر بالأمير كوندك نائب السلطنة عوضا عن الأمير آق سنقر الفارقاني.
[سنة سبع وسبعين وستمائة (١٢٧٨ م)]
فيها جاءت الأخبار بأن نائب الشام خامر وخرج عن الطاعة، فجرد إليه الملك السعيد وخرج بنفسه. فلما دخل إلى الشام نزل بالقصر الأبلق الذي أنشأه والده بدمشق فخامر