وقناطر شيبين وقناطر أبو صوير وقناطر اللبيني، وعمر الجسر الذي بشبر امنت، وعمر جسرا بالفيوم، وجدد عمارة الرصد، وجدد عمارة جامع راشده الذي عند دير الطين، وجدد عمارة مشهد السيدة نفيسة رضي عنها ووضع به المحراب على التحرير الصحيح، وعمر زاوية الشيخ رجب التي تحت القلعة، وعمر الإسطبل السلطاني، وجدد عمارة الطبلخانات السلطانية، وعمر زريبة بثغر دمياط، وله غير ذلك آثار كثيرة بمصر والشام.
وأما ما أبطله في أيامه من وجوه الظلم فهو ضمان الغواني. وكان عبارة عن أخذ مال من النساء البغايا، وذلك لو خرجت أجل امرأة في القاهرة تقصد البغاء، ونزلت اسمها عند امرأة تسمى الضامنة، وأقامت بما يلزمها من القدر المعين عليها، لما قدر أكبر من في مصر يمنعها عن البغاء وعمل الفاحشة. وكان يحصل من ذلك لنساء الأكابر وبناتهم غاية الفساد ولا يقدر أحد يمنعهن من ذلك، فأبطل الناصر ذلك وسطر في صحائفه إلى يوم القيامة … وكان يتحصل من هذه الجهة جملة مال كثير.
وأبطل أيضا في أيامه ما كان يؤخذ ممن يبيع ملكا عن كل ألف درهم عشرون درهما، فأبطل ذلك جميعه … وكان يتحصل من ذلك جملة مال.
وفي الجملة أن الملك الناصر محمد بن قلاون كان من أجل الملوك قدرا وأعظمهم نهيا وأمرا، وأكثرهم معروفا وبرا، وقد جبلت القلوب على محبته سرا وجهرا.
ولما مات تولى من بعده ابنه المنصور أبو بكر.
- الملك المنصور
هو الملك المنصور سيف الدين أبو بكر، ابن الملك الناصر محمد بن قلاون، وهو الثالث عشر من ملوك الترك وأولادهم بالديار المصرية، بويع بالسلطنة بعد موت أبيه بعهد منه له. وكان في أولاده من هو أكبر منه، ولكن الملك الناصر اختار من بين أولاده هذا، فقدمه عليهم، وعهد له من بعده، فهو أول من تسلطن من أولاد محمد ابن قلاون.
لبس شعار الملك، وجلس على سرير الملك في يوم الخميس حادي عشر ذي الحجة سنة احدى وأربعين وسبعمائة، وله من العمر نحو عشرين سنة. وقبل الامراء له الأرض بالقصر الكبير. فلما تم أمره في السلطنة عمل الموكب، وخلع على من يذكر من الأمراء، وهم، الأمير طقزدمر صاحب القنطرة التي على الخليج الحاحكمي، واستقر به نائب