للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لي أما أنه كان قد ظفر بكنز من كنوز القدماء، وأما أنه كان أخذ هذه الأموال والتحف من خزائن بيت المال عندما توجه الملك الناصر إلى الكرك - وقد كانت مفاتيح بيت المال بيد سلار لا يمكن منها الملك الناصر بشيء - ولكن لما مات سلار رجع كل شيء لأصله، وقد قيل في المعنى:

اجمع وأنت من الدنيا على حذر … واعلم بأنك بعد الموت مبعوث

واعلم بأنك ما قدمت من عمل … محصى عليك وما خلقت موروث

وفي هذه السنة، وهي سنة عشر وسبعمائة، كانت وفاة الشيخ شمس الدين بن دانيال الحكيم، وهو صاحب كتاب طيف الخيال. وكان شاعرا ماهرا وله شعر جيد، فمن ذلك قوله في حرفته:

يا سائلي عن حرفتي في الورى … وضيعتي فيهم وإفلاسي

ما حال من درهم انفاقه … يأخذه من أعين الناس

وفيها توفي الشيخ شمس الدين السروجي، شارح كتاب الهداية، وكان من كبار الحنفية.

وتوفي التوريزي محدث مكة.

[سنة احدى عشرة وسبعمائة (١٣١١ م)]

فيها عظم أمر الملك الناصر محمد بن قلاون حين جاءت الأخبار من أفريقية ببلاد الغرب أنه قد خطب باسمه فيها على المنابر، وكان سبب ذلك أن صاحب أفريقية - وهو أبو يحيى اللحياني - قدم على الملك الناصر في هذه السنة، وقال له: "أرسل معي عسكرا إلى أفريقية، فإذا فتحت المدينة وملكتها ألتزم للسلطان بأن أقيم نفسي بها نائبا عن السلطان". .. فعين معه السلطان تجريدة نحو مائة مملوك ومعهم أمير عشرة، فلما توجهوا نحو أفريقية تسامعت بهم العربان وأهل النواحي، فالتفت عليهم جماعة من العربان والمغاربة، فعظم أمر أبي يحيى ومشى على بلاد تونس وغيرها من البلاد، فحاصر مدينة أفريقية حتى فتحها، ودخل إليها وعلى رأسه الصناجق السلطانية والعساكر المصرية، فطرد من كان بها وملكها وخطب فيها باسم الملك الناصر محمد بن قلاون كما قرر معه، واستمر بها ورجع العسكر إلى القاهرة وذلك في شهر رجب من السنة المذكورة.

<<  <  ج: ص:  >  >>