للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفيها جاءت الأخبار بأن الأمير منجك اليوسفي تسحب حتى خرج من مصر واختفى ولم يعلم له خبر، فعاقب السلطان جماعته بسبب ذلك، وحبسهم إلى أن ظهر الأمير منجك كما سيأتي ذلك في موضعه.

فلما اختفى الأمير منجك خلع السلطان على الأمير بيدمر الخوارزمي واستقر نائب حلب عوضا عن الأمير منجك. فلما توجه الأمير بيدمر إلى حلب جرد إلى نحو سيس وحاصر أهلها، فطلبوا منه الأمان، فأخذها بالأمان، وكذلك المصيصة. وفتح في تلك السنة عدة قلاع، ثم رجع إلى حلب.

وفيها ركب السلطان الملك الناصر حسن، ومر بالقاهرة زينت له. فلما وصل إلى البيمارستان نزل عن فرسه ودخل فزار قبر أبيه قلاون، ثم دخل إلى الضعفاء والمجانين وتفقد أحوالهم، ثم ركب وطلع إلى القلعة، وضج له الناس بالدعاء حتى طلع إلى القلعة، وكان يوما مشهودا.

[سنة إحدى وستين وسبعمائة (١٣٦٠ م)]

فيها ثقل أمر الأمير صرغتمش على السلطان وخشى منه، فأشار بعض الأمراء على السلطان بأن يقبض عليه من قريب، وقال له: "إن لم تبادر وتقبض عليه، وإلا قبض هو عليك". .. فبادر السلطان وقبض عليه، فكان كما قيل في المعنى:

وربما فات بعض الناس حاجته … مع التواني وكان الرأي لو عجلا

فلما كان يوم الاثنين حادى عشرى شهر رمضان من السنة المذكورة قبض السلطان على الأمير صرغتمش وهو في الموكب بالايوان. فلما سمع مماليك صرغتمش بذلك لبسوا آلة الحرب وطلعوا إلى الرميلة - وكانوا نحو ثمانمائة مملوك - ووقفوا في سوق الخيل، فوثب عليهم المماليك السلطانية ورموهم بالنشاب، فتفرقوا وانكسروا.

ثم أن الزعر وجماعة العوام نهبوا بيت صرغتمش، ونهبوا بسط خانقاته التي بالقرب من حدرة الفيل، ونهبوا جميع قناديلها وحوائج الأعجام الصوفية الذين كانوا بها، ودكاكين الصليبة ضميمة لذلك، وصاروا يمسكون حاشية صرغتمش وغلمانه، وينهبون بيوتهم

واستمر هذا الأمر من أول النهار إلى ما بعد العصر.

فلما كان يوم الثلاثاء صبيحة ذلك اليوم قيدوا الأمير صرغتمش، وأرسلوه إلى السجن بثغر الاسكندرية، وأمسكوا معه جماعة من الأمراء ممن كانوا من عصبته - وهم الأمير

<<  <  ج: ص:  >  >>