يسمع بمثله فيما تقدم. وقد فاق في ذلك على ما كان يصنعه في ذلك اليوم أستاذه الملك الظاهر برقوق، وكانيتباهى في المواكب الجليلة إلى الغاية.
وكان رجلا كثير التنزه، لا يقيم بالقلعة إلا قليلا وأكثر أيامه في بولاق، وقيل كانت الرماحة تلعب قدامه في بولاق وهو ينظر إليهم من البارزية ولم يمش أحد من الملوك على طريقته في اللهو والقصف.
[سنة تسع عشرة وثمانمائة (١٤١٦ م)]
فيها وقع الطاعون بالديار المصرية، وفتك غاية الفتك في البرية، وقد قال بعض الشعراء:
رعى الرحمن دهرا قد تولى … يجازي بالسلامة كل شرط
وكان الناس في غفلات أمن … فجا طاعونهم من تحت ابط
[سنة عشرين وثمانمائة (١٤١٧ م)]
فيها ظهرت أعجوبة. ولدت جاموسة بمدينة بلبيس مولودة لها رأسان وأربع أيد وسلستا ظهر، ولها دبر واحد وفرج واحد، ولها رجلان في حقوها، فأقامت أياما وماتت.
ومن العجائب أيضا ما ذكره العلامة شهاب الدين بن حجر في تاريخه أن المصونة فاطمة بنت قاضي القضاة جلال الدين بن سراج الدين عمر البلقيني ولدت ولدا ذكرا له ذكر وفرج، وله يدان زائدتان في كتفيه، وله قرنان في رأسه مثل قرون الثور، فأقام ساعة ومات.
وذكر أيضا في تاريخه أن جملا ذبح بمدينة غزة بعد العشاء فأضاء لحمه في الليل كما يضيء الشمع. وقيل رمى بقطعة من لحمه لكلب فلم يأكل منها شيئا، ولم يعلم سبب ذلك … وهذا من العجائب التي وقعت في تلك السنة.
[سنة احدى وعشرين وثمانمائة (١٤١٨ م)]
فيها وقع الطاعون بالديار المصرية، واستمر يسلسل حتى دخلت سنة اثنتين وعشرين، فكان تارة يزيد وتارة ينقص.
وفي سنة احدى وعشرين وقع الغلاء أيضا بالديار المصرية، ونزل الملك المؤيد شيخ واستسقى كما جرت بذلك العادة، وقيل إن الملك المؤيد لما نزل إلى الاستسقاء لبس جبة صوف أبيض وعلى رأسه عمامة صغيرة جدا بعذبة مرخية خلفه، وعلى كتفه مئزر صوف أبيض، وركب فرسا بغير قماش حرير ولا سرج ذهب، وذبح هناك بيده أغناما وأبقارا وفرقها