احذر مداخلة الملوك ولا تكن … ما عشت بالتقريب منهم واثقا
فالغيث غيثك أن ظمئت وربما … ترمي بوارقه إليك صواعقا
وحكى بعض المؤرخين عن القاضي كريم الدين هذا أنه شرب في بعض الأيام دواء، فجمع وردا كان في القاهرة ففرش منه في داره ما قدر عليه حتى في دهاليز بيت الخلاء وعلى الملاقي، وداس منه الناس ما داسوا، وأخذوا منه ما أخذوا، ثم أن العبيد والغلمان أخذوا ما فضل من ذلك الورد فباعوه بخمسة آلاف درهم. وكان القاضي كريم الدين له بر ومعروف، وأنشأ جامعا بجزيرة أروى، وأنشأ خانقاه بالقرافة الصغرى، ووقف عليها الأوقاف الجليلة، وفيه يقول ابن نباتة:
يا كريما موافق الاسم للفع … - ل وأنسى في الفضل كل قديم
لا تخف نبوة الحوادث فالله … كريم يحب كل كريم
وقيل مات القاضي كريم الدين وله من العمر نحو من ستين سنة.
[سنة ثلاث وعشرين وسبعمائة (١٣٢٣ م)]
فيها ابتدأ الملك الناصر محمد بن قلاون بعمارة خانقاه سرياقوس، قيل أن الملك الناصر رأى النبي ﷺ في المنام، وأشار عليه أن يبني في هذا المكان خانقاه، فبنى هذه الخانقاه، فلما كملت قرر بها الصوفية، ووضع في هذه الخانقاه ربعة مكتوبة بالذهب مثل الربعة التي في خانقاه بكتمر التي بالقرافة، وجعل فيها حضورا، وقرر الشيخ مجد الدين الأقصرائي شيخا بها وكان من كبار العلماء، فلما كملت العمارة نزل السلطان هناك وعمل بها وليمة عظيمة، وحضر فيها القضاة الأربعة وأعيان الناس من العلماء.
ثم أن السلطان عمر حول هذه الخانقاه البيوت الجليلة، ورغبوا في سكناها، وصارت مدينة على انفرادها، وتزايدت في العمارة، وبنى بها الملك الأشرف برسباي مدرسة عظيمة وجعل فيها خطبة، وبنى فيها عدة مساجد، وكان الملك الناصر محمد بن قلاون قرر بهذه الخانقاه جماعة آفاقية قاطنين بها ليس لهم حرفة، وفي ذلك يقول المعمار: