وفيه وصل شرف الدين بن عيد الدمشقي، الذي تقدم ذكره. فلما طلع إلى القلعة خلع عليه السلطان، وأقره في قضاء الحنفية، عوضا عن الأمشاطي.
*****
وفي ذي الحجة خلع السلطان على تغري بردى بن بلباي الظاهري، خازندار يشبك الدوادار، وقرره في الاستادارية، عوضا عن مجد الدين ابن البقري. ورسم السلطان على مجد الدين ليقيم الحساب. وكان في ذلك دماره.
وفيه توفي دولات باي بطيخ الأبوبكري المؤيدي، أحد العشراوات ورءوس النوب، وكان لا بأس به.
وفيه جاءت الأخبار من حلب بقتل محمد بن حسن بن الصوا الحلبي نائب قلعة حلب. وكان من أخصاء السلطان، ثار عليه أهل حلب بسبب مظالم أحدثها بحلب، فقتله العامة. وقتل فرج ابن أغلبك حاجب الحجاب بحلب. وكان رئيسا حشما من أعيان أهل حلب، وكان لا بأس به.
وفيه مات مشنوقا شيخ عربان الشرقية قاسم ابن بيبرس بن بقر، وكان من خيار بني بقر. وتوفي أبو بكر جركس مقدم البريدية وأحد الحجاب بمصر، وكان رئيسا حشما لا بأس به.
*****
[سنة ست وثمانين وثمانمائة (١٤٨١ م)]
وفيها، في رابع المحرم، خلع السلطان على أقبردي بن علي باي قريبه، عوضا عن يشبك بن مهدي بحكم قتله في الرها. فنزل من القلعة في موكب حافل، وسكن في دار الأمير يشبك، ورسم له السلطان بجمع ما كان في بيت الأمير يشبك. فجاءت إليه السعادة من قماش وأوان وخيول وبرك، وهو لا يشعر بها، فسبحان المعطي الكريم وهو على كل شيء قدير. وقد قيل "مصائب قوم عن قوم فوائد."
وفيه خلع السلطان على ألماس، وقرره في نيابة صفد فخرج عن قريب، وخرج صحبته تاني بك الجمالي أحد المقدمين على حلب، عونة للأتابكي أزبك، فطلب وخرج، وكان له يوم مشهود.
وفيه ثارت ريح عاصفة، وثار فيها غبار أصفر يأخذ بالأنفاس، واستمر من قبل الزوال إلى نصف الليل.