للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفيه، في سابع عشره، كانت زلزلة عظيمة بمصر والقاهرة، ماجت الأرض وتحركت الموادن ومالت، وسمع للأرض دوي كدوي الرحى. وكان ذلك اليوم الجمعة بعد العصر، واستمرت نحو ثلاث درج وهي في اضطراب، حتى دهشت منها الناس، وخرجت النساء من الحمامات والبيوت وهن حاسرات عن وجوههن. وحصل للناس غاية الرعب، ومات من هذه الزلزلة قاضي القضاة شرف الدين بن عيد الحنفي، وكان جالسا بإيوان المدرسة الصالحية، فقام حين وقعت الزلزلة، فسقط عليه ساقط من أعلى الإيوان، فمات لوقته.

وكان عالما فاضلا دينا خيرا بعث السلطان خلفه من دمشق إلى مصر، وولاه قضاء الحنفية، فأقام بها ثمانية وخمسين يوما، ومات بهذا السبب. وكان أصله من عجلان، وهو موسى بن أحمد بن عيد الدمشقي الحنفي، وكان تولى قضاء دمشق، ثم طلب وتولى قضاء مصر، وكان مولده سنة ثلاثين وثمانمائة. فلما أخرجت جنازته نزل السلطان، وصلى عليه، ودفن بالصحراء.

وتوفي من الزلزلة عقيب ذلك الزيني أبو بكر بن القاضي عبد الباسط، ناظر الجيش كان، وكان رئيسا حشما نادرة في أبناء الزمان، ذا شهامة وعظمة، وكان من أخصاء السلطان، وكان عليلا فمات مرجوفا من الزلزلة حين ماج به البيت. وكان في سعة المال والقماش والبرك، وولي من الوظائف نظر الجوالي، وغير ذلك.

وفيه خلع السلطان على قانصوه بن طراباي، المعروف بخمسمائة الأشرفي، وقرره في أمرية الآخورية الكبرى، عوضا عن قجماس الإسحاقي، بحكم انتقاله إلى نيابة الشام.

وكان قانصوه يومئذ شابا بدا عذاره، وولي الدوادارية، وهو لابس الكوفية القندس. فلما بقي أمير آخور كبير، بعث له السلطان بشاش فلف له تخفيفة كبيرة، وكان حين لبي الدوادارية الثانية، قبل أن يلبس أقبردي التقدمة، والأمير اخورية الكبرى بعد ما لبس أقبردي الدوادارية. والمقصود أنه صار مقدم ألف قبله، وأخذ الدوادارية بالمنزلة في محله، وقانصوه نط من الدوادارية الثانية إلى الأمير اخورية الكبرى. فكان بينه وبينها عدة وظائف.

وفيه أنعم السلطان على جماعة من الأمراء بتقادم ألوف، منهم أزدمر تمساح، ويشبك الجمالي الزردكاش الكبير، وأزدمر المسرطن الظاهري.

وفيه قرر في قضاء الحنفية بدمشق مجد الدين بن القصيف، عوضا عن العبدوي، وعزل العبدوي. وكان ابن فرفور قرر قبل ذلك في نظر الجيش بدمشق، فجمع بين نظاره

<<  <  ج: ص:  >  >>