هو الملك الظاهر أبو النصر سيف الدين بلباي المؤيدي. وهو التاسع والثلاثون من ملوك الترك وأولادهم بالديار المصرية. وهو الرابع عشر من ملوك الجراكسة وأولادهم في العدد بمصر، بويع بالسلطنة بعد موت الملك الظاهر خشقدم.
تسلطن في يوم السبت بعد العصر، وهو اليوم العاشر من ربيع الأول سنة اثنتين وسبعين وثمانمائة.
وكان أصله جركسي الجنس، جلبه الأمير اينال ضضع من بلاد الجراكسة فاشتراه منه الملك المؤيد شيخ في سنة عشرين وثمانمائة، فأقام في الطبقة مدة ثم أعتقه، وأخرج له خيلا وقماشا وصار جمدارا، ثم بقي خاصكيا، ثم ساقيا في دولة الملك الظاهر جقمق، ثم بقي أمير عشرة، ثم بقي أمير أربعين، ثم بقي مقدم ألف في دولة الملك الأشرف اينال، ثم بقي حاجب الحجاب في دولة الملك الظاهر خشقدم، ثم بقي أمير آخور كبير، ثم بقي أتابك العساكر بمصر بعد موت قانم التاجر في سنة سبعين وثمانمائة.
فلما توفى الظاهر خشقدم وقع الاتفاق على سلطنته دون الأمراء، فحضر الخليفة المستنجد بالله يوسف والقضاة الأربعة، فاستجمعوا في المقعد الذي في باب السلسلة فبايعوه بالسلطنة، ثم أحضروا له خلعة السلطنة فلبسها، وركب من المقعد وطلع من باب سر القصر الكبير وجلس على سرير الملك، وباس له الأرض، وتلقب بالملك الظاهر، ودقت له البشائر، ونودى باسمه في القاهرة، وضج الناس له بالأدعية الفاخرة.
فلما تم أمره في السلطنة عمل الموكب بالقصر الكبير وخلع على من يذكر من الأمراء وهم: المقر السيفي تمربغا أمير مجلس، خلع عليه واستقر به أتابك العساكر عوضا عن نفسه. وخلع على المقر الشهابي أحمد بن العيني واستقر به أمير مجلس عوضا عن تمربغا، فنزل ابن العيني من باب السلسلة عن تمربغا، فنزل ابن العيني من باب السلسلة وسكن في بيت جاني بك نائب جدة المطل على الخليج، ثم خلع السلطان على المقر السيفي قنبك المحمودي واستقر به أمي رسلاح عوضا عن الأمير قرقماس الجلب. وخلع على المقر السيفي برد بك هجين واستقر به أمير آخور كبير عوضا عن ابن العيني.
فلما فعل ذلك لم يتم تأمره في السلطنة، وبان عليه العجز، وكان خشنا قليل المعرفة، لأنه كان يدعى بلباي المجنون، فصار منقادا مع الأمير خيربك الدوادار بشعرة، ولا يتصرف في شيء من أمور المملكة إلا برأيه، وصار مع المماليك الخشقدمية في غاية البلية.