والأمير سودون المحمدي، والأمير شاهين الأفرم، والأمير طوغان الحسني، وغير ذلك من الأمراء المصرية والشامية.
فلما تحقق الملك الناصر ذلك عرض العسكر، وأنفق عليهم، وبرر خيامه الكل في جمعة واحدة، ثم نزل من القلعة في موكب عظيم، وطلب طلبا عظيما، وأمر العسكر بأن يخرجوا وهم لابسون آلة الحرب. وكان صحبته الخليفة العباس والقضاة الأربعة، منهم قاضي القضاة الشافعي جلال الدين بن سراج الدين البقيني، وبقية القضاة ما يحضرني أسماؤهم الآن، ومن المباشرين القاضي فتح الله كاتب السر الشريف، وسائر الأمراء والعسكر، فتوجه الملك الناصر إلى نحو الريدانية فأقام بها يومين، ثم أنه رحل منها وقصد التوجه إلى نحو الشام.
وكانت هذه التجريدة ثالثة تجريدة خرج فيها الملك الناصر بنفسه.
فان أول تجريدة جردها إلى الشام كانت بسبب تنم الحسنى نائب الشام لما أظهر العصيان كما تقدم.
والتجريدة الثانية كانت بسبب تمرلنك لما وصل إلى الشام وجرى منه ما جرى كما تقدم.
والتجريدة الثالثة كانت بسبب نوروز الحافظي وشيخ لما أظهروا العصيان فخرج إليهما الملك الناصر بنفسه.
[سنة خمس عشرة وثمانمائة (١٤١٢ م)]
فيها دخل الملك الناصر إلى الشام وأقام بها أياما، ثم توجه خلف النواب، فكانوا يتوجهون في كل يوم من بلد إلى بلد والملك الناصر يسوق خلفهم ليلا ونهارا فأتعب العسكر، وانقطع منهم جماعة من شدة السوق والتعب.
فلما كان يوم الثلاثاء خامس عشرى المحرم من سنة خمس عشرة وثمانمائة، وصل الملك الناصر إلى اللجون - وهي من ضياع الشام - فتلاقى هنالك الملك الناصر والنواب بعد العصر، وكان الملك الناصر قد اصطبح وهو لا يعي من شدة السكر، فأراد الكبس على النواب في تلك الساعة، فأراد الكبس على النواب في تلك الساعة، فمنعه الأمراء من ذلك فلم يسمع لهم، فتقدم إليه القاضي فتح الله كاتب السر وتكلم معه في أن ينزل هناك ساعة حتى يستريح العسكر من شدة السوق فلم يلتفت إلى كلامه وقال:"أنا لي سنين أنتظر هذا اليوم. ومتى نزلت هنا ساعة هربوا من وجهي إلى مكان آخر". ..