له رزقا، وأن الملك الناصر بن الأشرف قايتباي فرق الأقاطيع التي كانت في الذخيرة جميعا فمن أين أسد هؤلاء المماليك؟
فلما كان يوم الاثنين سادس عشرين ذي الحجة اجتمع الأمراء عند السلطان في الدهيشة وضربوا مشورة في ذلك اليوم، وأقاموا في القلعة إلى بعد العصر، فلما نزلوا أشيع بين الناس أن السلطان يقصد يخرج أوقاف الجوامع والمدارس ويبقى لهم ما يقوم بالشعائر فقط، وأنه يفرق بلاد الأوقاف بمثالات على الأمراء والمماليك، فلما بلغ الناس ذلك اضطربت الأحوال وكثرت في ذلك الأقوال.
[سنة سبع وتسعمائة (١٥٠١ - ١٥٠٢ م)]
فيها، في المحرم، صعد الخليفة المستمسك بالله أبو الصبر يعقوب والقضاة الثلاثة - وهم برهان الدين بن أبي شريف الشافعي، وعبد الغني بن تقي المالكي، والشهاب أحمد الشيشيني الحنبلي - وتأخر قاضي القضاة الحنفي عبد البر بن الشحنة، ولكن طلع فيما بعد، فلما طلعوا إلى القلعة ليهنوا السلطان الملك الأشرف قانصوه الغوري بالعام الجديد تكلم مع القضاة فيما تقدم ذكره في أمر الأوقاف، فلم يوافق القاضي الشافعي على ذلك ولا القاضي المالكي ولا الحنبلي، ثم إن القاضي الحنبلي أغلظ على السلطان في القول فانحرف منه وقال له:"إذا ركبوا المماليك وطلبوا مني نفقة أنا أبعثهم لك في بيتك كلمهم مثل ما تعرف". فانفض المجلس مانعا ونزل القضاة إلى دورهم على غير رضا من السلطان، ثم طلع القاضي الحنفي عبد البر إلى السلطان في أواخر النهار فتكلم معه في ذلك، فمشي عبد البر في غرض السلطان بما يريد، ثم اجتمع الأمراء عند السلطان في مجلس ثان وضربوا مشورة في معنى ذلك. فوقع الاتفاق على أن الأوقاف تبقى على حالها ويؤخذ من ريعها سنة كاملة، ومن أجرة أملاك القاهرة من بيوت وربوع وحوانيت وحمامات وغيطان ومراكب وغير ذلك يؤخذ منهم أجرة عشرة أشهر كاملة، حتى من وقف البيمارستان المنصوري وسائر الأوقاف من عال إلى دون، وكتبت المراسيم بمعنى ذلك إلى ثغر الإسكندرية ودمياط حتى إلى دمشق وأعمالها وسائر البلاد الشامية والحلبية.
وكان القائم في هذه المظلمة الأتابكي قيت الرحبي. وصار الأتابكي قيت الرحبي يرسم على أعيان الناس بسبب ذلك بالمدرسة الباسطية حتى يردوا الأموال، لا جزاه الله خيرا!
ثم إن السلطان نادى في القاهرة بأن كل من كان ناظرا على وقف، وكل من كان له أقطاع من أجناد الحلقة أو غيرها، يتوجه إلى بيت الأتابكي قيت الرحبي، وأن أرباب