للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرزق من النساء والخوندات والستات يتوجهن إلى بيت القاضي ناصر الدين الصفدي وكيل بيت المال، وأن أرباب الأملاك والحوانيت يتوجهون إلى بيت الأمير مصرباي الدوادار.

ثم إن السلطان رسم لثمانية من الأمراء المقدمين بأن يتكلم كل واحد منهم على فرع من أبواب هذه المظالم، فتكلم الأتابكي قيت في جهات الأوقاف قاطبة واقطاعات الحلقة، وقد تقدم ذكر ذلك. وتكلم مصر باي في جهات الأمرك قاطبة. فكتبت القوائم بأسماء الأقاطيع والرزق من بيت أولاد الجيعان وطلبت أعيان الناس بالرسل الغلاظ الشداد، وطلب مصرباي أرباب الأملاك التي هي من الصليبة إلى مصر العتيقة إلى دير الطين، وتكلم الأمير قرقماس أمير سلاح على جهات البيوت التي هي داخل بابي زويلة قاطبة، وتكلم الأمير أزبك المكحل أحد المقدمين في جهات البيوت التي هي خارج باب الشعرية من جزيرة النيل إلى المطرية، وتكلم قاني باي قرا أمير آخرو كبير في جهات المراكب والسواقي قاطبة، وتكلم الأمير طقطباي أحد المقدمين على جهات الغيطان قاطبة، وتكلم طراباي رأس نوبة النوب على جهات مصادرات التجار ومساتير الناس، وتكلم أنص باي أحد المقدمين هو وأزدمر بن علي باي على مصادرات طائفة اليهود والنصارى وقد قرر عليهم نحوا من ثلاثين ألف دينار، وتكلم ناصر الدين الصفدي وكيل بيت المال على جهات رزق النساء من الخوندات والأعيان من الستات. ثم قرر السلطان مالا على جماعة من الخدام منهم محسن ومختص وغير ذلك من الخدام، وأطلق في الناس جمر نار المصادرات، وصار كل منهم في أليم الغمرات.

فلما كان يوم الاثنين رابع المحرم وثب جماعة من المماليك على السلطان ولبسوا آلة السلاح، وسبب ذلك أن السلطان قد أبطى عليهم بتفرقة النفقة ثلاثة أشهر فوثبوا عليه وطالبوه بالنفقة، فقال لهم: حتى تجبى الأموال … فلم يرضوا بذلك، فنادى لهم أن النفقة تكون بعد مجيء الحاج فسكن الحال قليلا، وآل الأمر إلى الحث على أرباب المصادرات في سرعة استخراج الأموال، وأطلقوا فيهم نيران الأهوال، وعملوا فيهم بالباع والذراع، ولم يجدوا لهم من حميم ولا شفيع يطاع، ثم أن أصحاب الأملاك ضيقوا على السكان وألزموهم بأن يعجلوا لهم من أجرة الدكاكين والبيوت عشرة أشهر معجلا لأجل هذه الغرامة، فحصل لهم بسبب ذلك الضرر الشامل، وتعطلت الأسواق من البيع والشراء، وغلقت غالب دكاكين القاهرة، ووقع الاضطراب للغني والفقير، وصار الناس بين جمرتين، ويطلبون في اليوم الواحد من أبواب جماعة كثيرة من الحكام مرتين، حتى ضجوا من ذلك، وقلت في المعنى:

<<  <  ج: ص:  >  >>