للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لما جبوا أملاك مصر والقرى … في عام سبع مضني الأهلاك

الله أكبر يا له من حادث … قد ضج منه الأرض والأملاك

فلما كان يوم الجمعة ثامن المحرم تزايد الأمر، وغلقوا بعض الجوامع، ومنعوا منها الخطبة في ذلك اليوم، منها جامع الجنيد الذي هو داخل الدرب الذي بالقرب من قناطر السباع، وجامع آخر بباب اللوق، وغير ذلك عدة جوامع. فلما طلع الأتابكي قيت الرحبي إلى القلعة وصلى الجمعة مع السلطان ونزل، وقفت له جماعة كثيرة من العوام وشكوا له أن أصحاب الأملاك ضيقوا عليهم وطالبوهم بعشرة أشهر معجلا بسبب هذه الغرامة وما لهم قدرة على ذلك، فلم يلتفت إلى كلاهم، فلما وصل إلى الجامع الصالح الذي تجاه بابي زويلة فكبروا عليه العوام ورجموه فجاءته رجمة في كلوته، وكان إلى جانبه الأمير طراباي رأس نوبة النوب فجاءته رجمة في جبهته حتى سال منه الدم، فلما عاينوا المماليك ذلك سلوا أسيافهم ووقعوا في العوام وجرح منهم جماعة وقتل في ذلك اليوم نحو من ثلاثة أنفار. ثم أن الزعر والعبيد نهبوا عدة دكاكين من البسطيين إلى داخل باب زويلة، واستمر النهب والقتل عمالا إلى قريب المغرب، ونهب للناس مال له صورة وبضائع كثيرة، حتى قيل: نهب لشخص حريري خمسمائة دينار ذهب عين، وغير ذلك من شمع وفاكهة وسكر. فلما تزايد الأمر ركب والي القاهرة وقبض على جماعة من الزعر والعبيد ووسط منهم نحوا من أربعة عشر إنسانا، وكادت القاهرة أن تخرب عن آخرها مما جرى في هذا الحادث العظيم.

فلما كان يوم السبت صبيحة ذلك اليوم وقف جماعة من السوقة من أهل الصليبة إلى الأمير أزدمر بن علي باي أحد المقدمين وشكوا له حالهم وكلموه بلطافة وحشمة عن أمر أجرة العشرة أشهر، فلما طلع إلى القلعة اجتمع بالسلطان وتكلم معه في ذلك، فاتفق الحال على أن يحط من العشرة أشهر ثلاثة أشهر وتصير سبعة كما فعل الأشرف قايتباي. ثم أن السلطان نادى في القاهرة للناس بالأمان والاطمئنان والبيع والشراء وأن السلطان حط من أجرة البيوت والدكاكين ثلاثة أشهر وصارت سبعة، فسكن الحال قليلا.

وفي يوم الثلاثاء ثاني عشره قبض السلطان على الأمير مصرباي الدوادار وهو بالقلعة، وقد وقع اختيار الأمراء على ذلك. فلما قبضوا عليه أدخلوه البحرة وقيدوه.

وقبضوا في ذلك اليوم على آخرين من الأمراء العشراوات من غير سبب.

<<  <  ج: ص:  >  >>