بن الحسام الصقرى عوضه في الوزارة. فلما نزل إلى بيته طلب الوزراء المنفصلين، فلما حضروا، استقر بالصاحب شمس الدين المقسى ناظر الدولة، واستقر بالصاحب سعد الدين بن البقري ناظر البيوتات ومستوفى الدولة، واستقر بالصاحب موفق الدين أبي الفرج مستوفى الدولة، فأطلق عليه وزير الوزراء، لأنه كان مستوفى على أرباب الوظائف بالديوان المفرد … واستمروا على ذلك مدة يسيرة، ثم أن السلطان غضب على الصاحب فخر الدين بن مكانس وضربه علقة قوية، ثم علقه من رجليه بسرياق، فأقام وهو منكوس على رأسه نصف نهار، ثم أن بعض الأمراء شفع فيه فأنزلوه فقال في هذه الواقعة.
وما تعلقت بالسرياق منتكسا … لزلة أوجبت تعذيب ناسوتى
وفي هذه السنة كانت وفاة الشيخ صلاح الدين خليل بن أيبك الصفدي، وكان من أعيان فحول الشعراء وله شعر جيد في فن البديع، وله تذكرة لطيفة وعدة مصنفات جليلة غريبة المعاني في أيام الملك الظاهر برقوق، وكانت وفاة الشيخ شهاب الدين بن أبي حجلة، وكان أصله مغربيا من تلمسان، وكان من أهل الفضل والعلم وله شعر جيد في فن البديع، وهو صاحب كتاب السكردان وكتاب ديوان الصبابة، وله غير ذلك مصنفات كثيرة، وكان شيخ المدرسة المنجكية التي عند الصوة (١).
[سنة ثلاث وتسعين وسبعمائة (١٣٩١ م)]
فيها حضر إلى الأبواب الشريفة المقر السيفي كمشبغا الحموي نائب حلب، وأخبر السلطان بأن أكثر التركمان والعربان خامروا وخرجوا عن الطاعة والتفوا على منطاش.
فلما سمع السلطان ذلك اجتمع بالأمراء وضربوا مشورة في أمر منطاش.
وفيها طلب السلطان الأمير حسين بن باكيش نائب غزة، فلما حضر بين يديه عراه وضربه بالمقارع ثمانين شبيبا. وكان ابن باكيش هذا وقع منه في حق السلطان - لما خرج من الكرك - أمور عظيمة، وجمع له العربان، وحاربه أشد المحاربة حتى كاد السلطان أن ينكسر، فبقى عند السلطان هذا الكمين حتى اقتص منه، فكان كما قيل:
(١) - في شذرات الذهب أن الصفدي توفى بدمشق في شوال سنة ٧٦٤، وان ابن أبي حجلة توفى في مستهل ذي الحجة سنة ٧٧٦.