للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم أن كمشبغا نائب حلب أخذ في أسباب عمارة ما تهدم من المدينة وزاد، ثم بعد مدة جاءت الأخبار بأن منطاش توجه إلى طرابلس ومعه جماعة من العسكر، فحاصر المدينة حتى ملكها وهرب من كان بها من الأمراء والنائب، وهرب أكثر أهلها إلى دمشق. ثم بعد مدة جاءت الأخبار من دمشق بأن منطاش حاصر دمشق بمن معه من العسكر، وكان عوام دمشق يميلون إلى منطاش ويكرهون الملك الظاهر برقوق، فاتفقوا مع منطاش بأن يسلموه المدينة تحت الليل. فلما بلغ ذلك الأمير أيتمش البجاسي، والأمير يلبغا الناصري، والأمير الطنبغا الأشرفي، ركبوا بعد العشاء وخرجوا إلى ظاهر دمشق وأوقعوا مع منطاش ومع عوام دمشق واقعة عظيمة، فقتل في تلك الليلة من الفريقين نحو ألف إنسان، ثم رجع عسكر دمشق إلى المدينة.

وفي عقيب هذه الواقعة وثب مماليك الطنبغا الجوباني نائب الشام على أستاذهم فقتلوه، وهربوا من دمشق وتوجهوا إلى منطاش، فلما بلغ السلطان ذلك أرسل تقليدا إلى يلبغا الناصري واستقر به نائب الشام عوضا عن الطنبغا الجوباني، ثم بعد مدة جاءت الأخبار بأن الأمير جبق الكمشبغاوي خرج من دمشق وقصد التوجه نحو طرابلس، فأخذه عربان نعير وأحضروه إلى منطاش فقتله بين يديه.

ثم بعد مدة جاءت الأخبار بأن منطاش توجه إلى نحو عنتاب، فالتف عليه جماعة كثيرة من التركمان، فحاصر مدينة عنتاب أشدما يكون من المحاصرة، فملكها وهرب النائب الذي كان بها. فلما دخل الليل جمع نائب عنتاب جماعة كثيرة من التركمان وكبس على منطاش، فقتل من عسكره نحو مائتي إنسان وهرب منطاش نحو الفرات، فلما بلغ السلطان هذا الخبر انشرح له ونزل إلى الرماية في بركة الحج. ولما عاد من الرماية دخل من باب النصر، وشق من بين القاهرة، وزينت له ولاقته اليهود والنصاري ومعهم الشموع موقدة.

وفي ذلك اليوم دخل السلطان إلى بيت الأمير بطا الدوادار الكبير وسلم عليه فانه كان مريضا، ثم أن السلطان طلع إلى القلعة وكان له يوم مشهود فانه من حين أتى من الكرك لم يشق من القاهرة سوى ذلك اليوم، فضج الناس له بالدعاء.

وفي هذه السنة عملت خوند - أخت الملك الظاهر برقوق - كسوة جليلة للحجرة الشريفة، وستارة زركش لباب الحجرة الشريفة، فشقت بذلك من القاهرة وكان يوما مشهودا، وسبب ذلك أنها نذرت لئن عاد أخوها إلى السلطنة تكسو الحجرة الشريفة ففعلت ذلك. وفي هذه السنة عزل السلطان الصاحب سعد الدين بن البقرى، واستقر بالجناب الناصري محمد

<<  <  ج: ص:  >  >>