هو الملك المؤيد أبو النصر شيخ ابن عبد الله المحمودي الظاهري، وكان يعرف بالخاصكي، وهو الثامن والعشرون من ملوك الترك وأولادهم بالديار المصرية، وهو الرابع من ملوك الجراكسة وأولادهم.
بويع بالسلطنة بعد خلع الخليفة العباس في يوم الاثنين مستهل شهر شعبان سنة خمس عشرة وثمانمائة (١٤١٢ م)، فلبس خلعة السلطنة من باب السلسلة وطلع إلى القصر الكبير، وجلس على سرير الملك وباسوا له الأرض، وتلقب بالملك المؤيد، ودقت له البشائر ونودى باسمه في القاهرة، وضج الناس له بالدعاء من الخاص والعام. وفيه يقول الشيخ ناصر الدين بن كميل الشاعر:
تسلطن الشيخ وزال العنا … فالناس في بشر وتيه وفيخ
فلا تقاتل بصبى ولا … تلق به جيشا وقاتل بشيخ
وكان أصله من مماليك الملك الظاهر برقوق، اشتراه من الخواجا محمود شاه وأعتقه، وأخرج له خيلا وقماشا وصار جمدارا، ثم بقي خاصكيا، ثم بقى ساقيا. وكان يعرف بشيخ المجنون، ثم بقي أمير عشرة، ثم بقي أمير أربعين، وسافر الحجاز أمير حاج في سنة احدى وثمانمائة، ثم بقي مقدم ألف في دولة الملك الناصر فرج بن برقوق، ثم بقي نائب طرابلس ونائب الشام أيضا. وأسره تمرلنك على حلب كما تقدم ووقع له في دولة الملك الناصر فرج أمور شتى ومحن عظيمة، وسجنه الملك الناصر بخزانة شمايل، فأقام بها مدة، ثم خرج إلى الشام والتف على جكم العوضي ونوروز الحافظي، ولم يزل في عصيان وهجاج في البلاد الشامية حتى مضى أكثر عمره … فلما جرد الملك إلى نوروز وقتل الملك الناصر كما تقدم، وتسلطن الخليفة العباس، بقي أتابك العساكر بمصر ونظام المملكة، ثم أنه خلع الخليفة من السلطنة وتسلطن عوضه.