وفيها كانت وفاة قاضي القضاة الشافعي شيخ الإسلام تقي الدين بن دقيق العيد رحمه الله تعالى. وكان عالما فاضلا بارعا في العلوم، وكان من طلبة الشيخ عز الدين بن عبد السلام. وكان له نظم رقيق، فمن ذلك قوله في نوع الجناس التام:
تهيم نفسي طربا عند ما … استلمح البرق الحجازيا
ويستخف الوجد عقلي وقد … لبست أثواب الحجازيا
يا هل ترى أقضي منى من منى … وأنحر البدن المهاريا
وأرتوى من زمزم فهي لي … ألذ من ريق المها ريا
[سنة خمس وسبعمائة (١٣٠٥ م)]
فيها ابتدأ الأتابكي بيبرس الجاشنكير بعمارة خانقاه التي برحبة باب العيد قبالة الدرب الأصفر، وكتب له الشيخ شرف الدين بن الوجيه ختمة مكتوبة بالذهب في سبعة أجزاء في ورق قطع البغدادي بقلم الشعر، فصرف على أجرة نسخها ألفا وسبعمائة دينار. وكتبها برسم هذه الخانقاه التي أنشأها، فكانت هذه الختمة من محاسن الزمان، وأودعها بها.
[سنة ست وسبعمائة (١٣٠٦ م)]
فيها وقع الغلاء بالديار المصرية، وتشحطت الغلال واشتد سعرها، وهاجت الناس على بعضها، وعز الخبز من الأسواق، وبلغ ثمن الرغيف درهم فضة، فأقام الأمر على ذلك مدة يسيرة، ثم تراجع الحال قليلا قليلا إلى أن انحط السعر، وظهرت الغلال.
وفيها توفي الشيخ الزاهد العارف بالله تعالى سيدي يافوت العرشي ﵁ ودفن بنواحي الاسكندرية. وفيها توفي الشيخ زين الدين الفارقي، وتوفي الشيخ صدر الدين بن الوكيل صاحب الأشعار اللطيفة، وتوفي الشيخ ضياء الدين الطوسي شارح الحاوي.
[سنة سبع وسبعمائة (١٣٠٧ م)]
فيها وقع بين السلطان وبين الأمير سلار نائب السلطنة، وثارت بينهما الفتنة وكثر القيل والقال، ودبت بينهما عقارب التشاحن.