الحنفية سعد الدين الديري، وقاضي القضاة الحنابلة عز الدين الحنبلي، وقاضي القضاة المالكية شمس الدين البساطي.
وكان المتكلم في ذلك المجلس القاضي كمال الدين محمد بن البارزي كانت السر الشريف. فلما تكامل المجلس وقع الاختيار على تولية حمزة بن المتوكل - وكان أسن اخوته - فولاه السلطان. ثم أن القاضي كمال الدين بن المبارك البارزي استرعى السلطان مبايعة الخليفة حمزة، ولقبوه بالقائم بأمر الله، ثم أحضروا له التشريف فألبسوه له، ونزل من القلعة في موكب عظيم وقدامه القضاة الأربعة وأعيان الناس حتى وصل إلى بيته وهو في غاية العظمة، فكان أحق بقول القائل:
كل يهنيك بالتشريف محتفلا … يا من بأيامه المعروف معروف
لكنني بك أختار الهناء له … فان قدرك للتشريف تشريف
ومن الحوادث أن السلطان رسم بحرق شخوص خيال الظل جميعها وأبطلها، ورسم بابطال نوبة خاتون التي كانت تعزف بالقلعة بعد العشاء.
وفيها توفى العلامة قاضي القضاة بدر الدين محمود العيني الحنفي صاحب التاريخ البدري.
[سنة ست وخمسين وثمانمائة (١٤٥٢ م)]
فيها توفى القاضي كمال الدين ابن القاضي ناصر الدين البارزي كاتب السر الشريف بالديار المصرية. فلما أن توفى القاضي كمال الدين بن البارزي خلع الملك الظاهر على القاضي محب الدين ابن الأشقر واستقر به كاتب السر الشريف بالديار المصرية، عوضا عن القاضي كمال الدين بن البارزي، وخلع على القاضي جمال الدين يوسف واستقر به ناظر الجيوش المنصورة مع ما بيده من نظارة الخاص.
وكان القاضي كمال الدين بن البارزي من أهل الفضل والعلم، وله خط جيد وعبارة حسنة، وكان له نظم رقيق، وقد فاق والده القاضي ناصر الدين البارزي.
ومن النكت اللطيفة قيل كتب القاضي ناصر الدين البارزي تقريظا، وقد استوفى إلى آخر الورقة، فلما فرغ قالوا له:"لا بد من كتابة ولدك القاضي كما الدين على هذا التفريط". فأمره بأن يكتب تحت خطه - ولم يبق من الورقة إلا قدر أصبعين - فكتب القاضي كمال الدين تحت خط والده: