كل أردب، والبطة الدقيق بأشرفي وخمسة أنصاف، وقد تشحطت الأسعار في سائر البضائع من المأكل والمشرب، وصارت التركمان يخطفون عمائم الناس من فوق رؤوسهم جهارا، ولم يجدوا من يمنعهم من ذلك، ويقطعون الطريق على المتسببين والضيافات التي تطلع من البلاد، وصاروا يخطفون النساء والمرد من الطرقات كل يوم من بين الناس، ولم يجدوا من يخلصهم من أيديهم، وحصل للناس من أيديهم غاية الضرر.
ووقف الحال بسبب المعاملة من الفضة، فإنها كلها غش ونحاس وزغل، وصار الأشرفي القايتبايي يصرف بخمسة وستين نصف فضة، والسوقة لا تقبل من الفضة إلا القليل، وكذلك الفلوس الجدد. وقاسى أهل مصر في هذه السنة شدة عظيمة ما قاساها قط أحد من الناس، والأمر لله تعالى من قبل ومن بعد.
[سنة ست وعشرين وتسعمائة (١٥٢٠ م)]
فيها في المحرم - وكان مستهل الشهر يوم السبت - طلع القضاة الأربعة إلى القلعة، وهنوا ملك الأمراء بالعام الجديد، ثم رجعوا إلى دورهم.
وفي يوم الثلاثاء رابعه، كان ختان ولد قاضي القضاة المالكي يحيى ابن قاضي القضاة برهان الدين إبراهيم الدميري رحمة الله عليه، فكان له في ذلك اليوم زفة حافلة رجت لها القاهرة، فمشت من الجامع المؤيدي إلى المدرسة الصالحية، ومشى فيها أعيان الرؤساء من المباشرين والتجار، ومشاهير الناس، وغيرهم من الأعيان، وأوقدت له الشموع على الدكاكين، وكان يوما مشهودا. وفي أوائل ذلك اليوم مدت مدة حافلة حضرها الأمير جانم الحمزاوي وجماعة من الأمراء العثمانية ومن الأمراء الجراكسة وغير ذلك.
وفي يوم الاثنين رابع عشريه، دخل الحاج إلى القاهرة صحبة المحمل الشريف، وأمير الحاج الأمير برساي، وقد أثنى عليه الحجاج خيرا بما فعله في طريق الحج، وكان معهم الأمن والرخاء بطول الطريق.
*****
واستهل شهر صفر يوم الأحد فطلع القضاة الثلاثة إلى القلعة، وهنوا ملك الأمراء بالشهر، ولم يطلع قاضي القضاة الشافعي وكان مريضا منقطعا بداره له مدة طويلة لم يركب.
وفيه وقع في الحوادث أن ملك الأمراء عزل الشرفي يحيى بن التاج عن مشيخة الحضور بالجامع المؤيدي، واستقر بشخص من أبناء العجم، وقيل: من العثمانية، عوضا عن يحيى بن التاج، وكان ذلك الشخص عاريا عن العلم والفضيلة، ليس له شهرة بين