صرغتمش في دولة الناصر حسن صاحبي الحل والعقد ومدبري المملكة، وكانت عظمة الأتابكي شيخو في دولة الملك الناصر حسن.
ثم أن الأمير طاز، الدوادار الكبير، حضر عقيب ذلك من البحيرة - وقد تقدم أنه توجه للصيد. فلما حضر قبضوا عليه وقيدوه، وسجنوه بالقلعة هو وأخوه، فأقام في السجن أياما، ثم أن بعض الأمراء شفع فيه فأفرج عنه وخلع عليه واستقر به نائب حلب، فخرج إليها من يومه.
وفي هذه السنة خلع على القاضي تقي الدين السبكي، واستقر به قاضي القضاة الشافعية بدمشق. فلما توجه إلى دمشق وخرج من القاهرة قال فيه ابراهيم المعمار:
مصر للسبكي قالت … سر فلا عدت إليا
عذت بالرحمن ربي … منك أن كنت تقيا
وفيها خلع على القاضي علاء الدين بن فضل الله العمري، واستقر به كاتب السر الشريف بالديار المصرية على عادته، وفيه يقول المعمار أيضا:
لابن فضل الله فضل … غمر الناس ووفى
كيف لا وهو على … علم السر واخفى
[سنة ست وخمسين وسبعمائة (١٣٥٥ م)]
فيها أنشأ المقر السيفي شيخو جامعا وخانقاه بالصليبة الطولونية، وأنشأ بها حمامين وربوعا ودكاكين ولما كملت عمارة الخانقاه قرر بها شيخا يحضر في كل يوم من بعد العصر وصوفية يحضرون معه. وكان الشيخ الذي قرره، شيخ الإسلام الشيخ أكمل الدين الحنفي، وكان من أكابر علماء الحنفية، وقد خضعت له الناس لفضله وزهده، وكان بارعا في العلوم، وفيه يقول ابن أبي حجلة التلمساني:
شيخ تقدم في العلوم لأنه … ان عد أرباب الفضائل أول
ما قيل هذا كامل في ذاته … إلا وقلت الشيخ عندي أكمل
ثم أن شيخو أوقف على هذه الخانقاه والجامع أوقافا كثيرة، وشرط في وقفه محاسن جميلة، وجعل النظر على تلك الأوقاف لمن يكون رأس نوبة النواب بالديار المصرية، ولشيخ الخانقاه المشاركة معه في النظر. وقرر للصوفية الخبز والطعام في كل يوم،