للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[سنة سبع وستين وستمائة (١٢٦٩ م)]

فيها حج السلطان إلى بيت الله الحرام، فخرج من القاهرة في ثالث شوال، وتوجه إلى غزة، فأخذ الاقامات التي كان عباها له نائب الشام، ثم توجه من غزة إلى الكرك، ثم توجه من الكرك إلى المدينة الشريفة، فزار قبر النبي ، ثم توجه من هناك إلى مكة فدخلها في خامس ذي الحجة. وكان في تلك السنة الوقفة يوم الجمعة، وكان ولد السلطان السعيد محمد توجه صحبة المحمل بالحاج المصري، فلما قضى حجه رجع إلى الشام ورجع ابنه الملك السعيد صحبة المحمل مع الركب المصري.

[سنة ثمان وستين وستمائة (١٢٧٠ م)]

فيها رجع السلطان إلى القاهرة وأقام بها إلى شهر شعبان، ثم توجه إلى زيارة بيت المقدس والخليل ، فزارهما ورجع إلى الديار المصرية.

[سنة تسع وستين وستمائة (١٢٧٠ م)]

فيها أرسل صاحب طرابلس تقدمة عظيمة للسلطان، وأظهر الطاعة، فقبلها السلطان وأقره على ما كان بيده من البلاد.

وفي هذه السنة رتب السلطان خيل البريد، بسبب سرعة أخبار البلاد الشامية، فكانت أخبار البلاد الشامية ترد عليه في الجمعة مرتين، وقيل أنه أنفق على ذلك جملة مال حتى تم له ترتيب ذلك، وكان خيل البريد عبارة عن مراكز بين القاهرة ودمشق، وفيها عدة خيول جيدة، وعندها رجال يعرفون بالسواقين، ولا يقدر أحد يركب من خيل البريد إلا بمرسوم سلطاني، وكان عند كل مركز ما يحتاج إليه المسافرون من زاد وعلف وغير ذلك … وهذا كله لأجل سرعة مجيء أخبار البلاد الشامية وغيرها من البلاد. وقيل إن الملك الظاهر بيبرس هذا كان يعمل موكبا بمصر وموكبا بالشام، وكانت خيل البريد مرصودة بسبب ذلك، حتى لقد قال القائل في المعنى:

يوما بمصر، ويوما بالشام، ويو … ما بالفرات، ويوما في قرى حلب

واستمر هذا الأمر باقيا بعد الملك الظاهر بيبرس مدة طويلة، ثم تلاشى أمره قليلا قليلا حتى بطل في دولة الملك الناصر فرج بن برقوق عندما قدم تيمور لنك إلى الشام وأخرب البلاد الشامية، وذلك في سنة ثلاث وثمانمائة … فعند ذلك بطل أمر خيل البريد مع جملة ما بطل من شعائر مملكة الديار المصرية.

<<  <  ج: ص:  >  >>