وعشراوات، فخرجوا من القاهرة على الفور، وجدوا في السير إلى أن وصلوا إلى تروجه، ووقعوا مع العرب فكسروهم وهربوا إلى الجبال حتى لم يبق منهم أحد، فأحاط العسكر بجمالهم وأغنامهم وأولادهم ونسائهم، ثم عاد الأمراء إلى القاهرة وهم في غاية النصرة … فخلع السلطان على الأمير بيبرس خلعة، ونزل إلى بيته في موكب عظيم.
[سنة سبعمائة من الهجرة النبوية (١٣٠٠ م)]
فيها كان خليفة الوقت الإمام أحمد الحاكم بأمر الله، وسلطان العصر الملك الناصر محمد ابن الملك المنصور قلاون، وقاضي القضاة من الشافعية شيخ الإسلام تقي الدين ابن دقيق العيد.
وأما الأمراء أرباب الوظائف: فالأمير سلار المنصور نائب السلطنة، والأمير بيبرس الجاشنكير أنابك العساكر المنصورة، والأمير بيبرس المنصوري دوادار كبير، والأمير سنقر الأعسر وزير، والأمير لاجين استادار والأمير عز الدين أيدمر نقيب الجيوش المنصورة، والأمير أقوش الشمس حاجب الحجاب، والأمير ناصر الدين ابن الشيخ واليا بالقاهرة. وبقية الأمراء لم نذكرهم هنا خوف الاطالة ولكن سيأتي ذكرهم في مواضعه.
وأما أرباب الوظائف من المتعممين، فالقاضي محيي الدين ابن فضل الله كاتب السر الشريف، والقاضي بهاء الدين بن الحلي ناظر الجيوش المنصورة، والقاضي كريم الدين بن السديد ناظر الخواص الشريفة.
وكان شاعر الوقت يومئذ الشيخ صدر الدين ابن الوكيل، كان من فحول الشعراء وله شعر جيد، فمن شعره ونظمه الرقيق قوله من قصيدة خمرية:
عناصر أربع في الكأس قد جمعت … وفوقها الفلك السيار والشهب
ماء ونار هواء أرضها قدح … وطوقها فلك والأنجم الحبب
وان أقطب وجها حين تبسم لي … فعند بسط الموالي يحفظ الأدب
وفي أثناء هذه السنة جاءت الأخبار بحركة التتار وقد وصل أوائلهم إلى الفرات، فجمع السلطان الأمراء، وضربوا مشورة في ذلك الخبر، فقال السلطان للأمراء:"أنتم تعلمون أني رجعت مكسورا من التتار تلك المرة، ونهب جميع بركي، وذهبت الأموال … والآن لم يبق في بيت المال لا دينار ولا درهم، فمن أين أنفق على العسكر؟ ".