للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أيامه فيما يفعلون، وصارت طاحون الحشيش عمالة في كل يوم في حارة المصامدة، وكذلك بيوت المزارة في الكبش في مكان يقال له الغور.

قال القاضي الفاضل إن في أيام الملك العزيز هذا وقع غلاء بسبب توقف النيل، وتشحطت الغلال في وقت ميسورها والقمح في الجرون، واضطربت أحوال الديار المصرية من قلة العدل وكثرة المعاصي والفسوق.

ومن الحوادث في أيامه أن دارا كانت في فم السد تعرف بدار ابن مقشر، وكان يحصل في أجرتها في اليوم والليلة ما لا يتحصل من أجرة مثلها في مدة سنة كاملة، وذلك بسبب الفرجة يوم فتح السد إذا أوفى النيل. فلما أن كانت سنة إحدى وتسعين وخمسمائة أوفى النيل على جرى عادته فأكرت الناس تلك الأماكن التي في دار ابن مقشر بسبب الفرجة حتى ما بقي فيها ما يسع قدم إنسان. فبينما الناس محتبكة بها للفرجة إذ سقطت تلك الدار على من فيها من الناس فماتوا جميعا، وكان بها ما ينوف عن خمسمائة نفس من نساء ورجال وصغار وكبار، فأقاموا يستخرجون من فيها من الأموات ثلاثة أيام، فوجدوا بها شخصا يعرف بأبي البقا وفيه بعض نفس، طلع من تحت الردم وقد كاد أن يفارق الدنيا، فلما شم الهواء عوفي وعاش بعد ذلك مدة طويلة، ثم طلع إلى سطح داره في بعض الأيام ونزل وهو مستعجل فزلت رجله من ثلاث درج من سلم السطح فمات من وقته وساعته.

قال ابن المتوج: "جاء رجل من بلاد العجم إلى القاهرة فأوحى إلى الملك عثمان بأن الهرم الصغير الذي في الجيزة - وهو المكسو بالحجر الصوان - تحته مطلب، فوجه إليه الملك العزيز جماعة من الحجارين ليهدموه، فأقاموا في هدمه نحو شهر ولم يهدموا منه إلا اليسير، فأنفق على هدمه في هذه المدة مالا جزيلا، فلما أعياه ذلك تركه. وآثار ذلك النقب فيه إلى الآن، وقد نزعوا عنه بعض الحجارة الصوان.

[سنة خمس وتسعين وخمسمائة (١١٩٨ م)]

فيها خرج الملك العزيز إلى نحو الفيوم يتصيد على سبيل الفرجة، فلاح له ظبي فساق خلفه فكبا به الفرس فدخل قربوس السرج في صدره فمات من وقته، فحمل إلى القاهرة ودفن عند الإمام الشافعي .

وكانت وفاته في يوم الخميس العشرين من المحرم سنة خمس وتسعين وخمسمائة، فكانت مدة سلطنته في الديار المصرية نحو سبع سنين وأشهر.

ولما مات تولى من بعده ابنه محمد.

<<  <  ج: ص:  >  >>