للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأشجار لا يقدر أحد أن ينظر إليها من شدة اتقاد ذلك النحاس المموه بالذهب، وكان يسحق المسك والكافور وينثره على تلك الرياحين السطور

"وصنع في ذلك البستان بحيرة كبيرة وملأها من الزئبق. وكان يضع على ذلك الزئبق فراشا من جلد خباه أنعم من الحرير، وكان له حركات تمتلئ بالريح ثم يسد فاه بحبل ويطرح ذلك الفراش على ذلك الزئبق وينام عليه".

قال بعض المؤرخين ان خمارويه هذا كان يعتريه ضربان المفاصل، وكان يضع ذلك حتى يجد له راحة وينام ساعة من الليل.

قال ابن وصيف شاه: "خرج خمارويه يوما إلى الفضاء على سبيل التنزه، فلقيه أعرابي فأخذ بعنان فرسه وأنشد:

إن السنان وحد السيف لو نطقا … لحدثا عنك في الهيجاء بالعجب

أفنيت مالك تعطيه وتبذله … يا آفة الفضة البيضاء والذهب

فلما سمع خمارويه هذه الأبيات قال لغلامه: ادفع إليه ما معك في الخريطة. فوجد فيها خمسمائة درهم فدفعها إليه. فقال الأعرابي: زدني أيها الأمير فمثلك من يزيد. فقال خمارويه للمماليك: اطرحوا عليه مناطقكم وسيوفكم، وكانت مسقطة بالذهب. فقال الأعرابي: ومن يحمل لي ذلك؟ فأمر له ببغل، فحمل ذلك ومضى، فلما رجع خمارويه إلى قصره فرق على المماليك سيوفا ومناطق عوضا عما أخذ منهم.

- الأفضل أمير الجيوش بدر الجمالى

واستمر خمارويه في ولايته على مصر حتى توفى بها ودفن عند أبيه، ثم تولى من بعده ابنه الأفضل أمير الجيوش بدر الجمالى. وهو صاحب سوق مرجوش.

قال القضاعي: إن الأفضل هذا هو الذي حفر خليج أبي المنجي، وكان المتولي أمر حفر هذا الخليج أبو المنجي شعيا اليهودي فعرف به من يومئذ. وقال القضاعي ان الأفضل هو الذي بنى المسجد المطل على بركة الحبش المعروف الآن بالرصد، وإنما سمي بالرصد لأنه كما قيل كان فوقه صورة من النحاس الأصفر قدرها نحو قنطار وهي مركبة على أعمدة من الرخام الأبيض بسبب تحرير الساعات لأجل وقت دخول الصلاة. ولم ينسب إلى الحاكم بأمر الله في بنائه شيء وإنما هي إشاعة بين الناس في نسبته إلى الحاكم.

ومن الحوادث في أيام الأفضل أنه في يوم الجمعة ثاني رجب سنة تسع وسبعين ومائتين هاجت بالديار المصرية ريح سوداء، واشتد هبوبها، وأظلم الجو حتى ظهرت

<<  <  ج: ص:  >  >>