عن سنجار وعاد إليها النائب الذي من قبل السلطان، ثم رجع العسكر إلى القاهرة وهم سالمون.
وفيها توجه الأمير طاز أمير حاج بالمحمل الشريف. فلما وصل إلى مكة وقع بينه وبين الملك المجاهد صاحب اليمن - وكان قد حج في تلك السنة - فلما صعدوا إلى الجبل وقعت بينهما فتنة عظيمة فانكسر الملك المجاهد صاحب اليمن وقبض عليه الأمير طاز وقيده وأحضره صحبته إلى القاهرة.
وفيها جمع السلطان الملك الناصر حسن القضاة الأربعة وسائر الأمراء، ورشد نفسه، واستعذر الأوصية فأعذروا له في ذلك، ثم بعد أيام قبض السلطان على جماعة من الأمراء - منهم الأمير يلبغا أروس، والأمير منجك اليوسفي - وأرسلهم إلى السجن بالاسكندرية.
وفيها أبطل السلطان ما أحدثه النساء من القصمان التي خرجت في كبر أكمامها عن الحد، وأبطل ما أخرجوه من الأزر الحرير والأخفاف الزركش، فأشهروا المناداة في القاهرة بابطال ذلك فرجعت النساء عن ذلك.
[سنة اثنتين وخمسين وسبعمائة (١٣٥١ م)]
فيها عاد الحجاج إلى القاهرة، فطلع الأمير طاز إلى القلعة وصحبته الملك المجاهد صاحب اليمن، فلما تمثل بين يدي السلطان أطلقه من القيد ورسم له بالعود إلى بلاده وهو مكرم، وأرسل معه السلطان الأمير تشتمر المنصوري ليوصله إلى بلاده. فلما وصل إلى اليتبع أراد الملك المجاهد أن يقتل الأمير قشتمر ويهرب من هناك، فقبض عليه الأمير قشتمر ورجع به إلى القاهرة، فتغير عليه خاطر السلطان بسبب ذلك، فقيده وأرسله إلى السجن بقلعة الكرك.
وفيها - في يوم الأحد سابع عشر جمادي الآخرة - وثب الأمراء على السلطان، ولبسوا له آلة الحرب، وطلعوا إلى الرميلة، ووقفوا بسوق الخيل، وكان رأس الفتنة الأمير طاز المنصوري، والأمير بيبغا الشمسي، والأمير سفر الناصري … فحطم الأمير طاز - ومعه جماعة من الأمراء - فطلعوا إلى القلعة وهم راكبون إلى الحوش السلطاني، فقبضوا على السلطان الملك الناصر حسن وسجنوه بالقلعة في مكان داخل دور الحرم، فأقام به إلى حين عوده إلى السلطنة كما سيأتي ذكر ذلك في موضعه إن شاء الله تعالى.
فكانت مدة سلطنة الملك الناصر حسن في هذه المرة بالديار المصرية ثلاث سنين وتسعة أشهر، وهي السلطنة الأولى. ثم تولى من بعده أخوه صالح.