للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التي وقعت بينه وبين عسكر مصر كما سيأتي ذكر ذلك في موضعه إن شاء الله تعالى.

وفي هذه السنة سأل الخليفة الإمام أحمد الحاكم بأمر الله السلطان بأن ينعم له في أن يحج، فأنعم له في ذلك، ورسم له بألف دينار فأخذها وحج في تلك السنة، ثم عاد مع الحجاج إلى القاهرة.

[سنة ثمان وتسعين وستمائة (١٢٩٨ م)]

فيها توجه السلطان إلى القصر الكبير، وكان صائما، وكان ذلك يوما شديد الحر فجلس في القصر إلى وقت الفطور وهو يلعب بالشطرنج، وكان عنده القاضي حسام الدين الرازي الحنفي، وامامه محب الدين ابن العسان، وشيخ العرب يزيد. فلما جلس في القصر إلى وقت المغرب بلغ ذلك جماعة من المماليك الأشرفية - وكان في قلبهم من السلطان لاجين شيء لأنه كان من جملة من تواطأ على قتل أستاذهم الملك الأشرف خليل - فقالوا هذه ليلة الفرصة، فاتفقوا مع جماعة من المماليك البرجية بأن يهجموا على السلطان بعد العشاء وهو في القصر.

وكانت تلك الليلة نوبة شخص من السلحدارية يقال له نوغان الكرماني، فاتفق معه شخص يقال له كرجي - وهو مقدم المماليك البرجية - على أن يدخل المماليك، ويهجموا عليه بعد العشاء ويقتلوه. فلما دخل وقت المغرب أفطر السلطان في القصر واستمر يلعب في القصر إلى وقت العشاء، فتقدم كرجي مقدم المماليك البرجية إلى الشمعة ليصلها، فرمى الفوطة على النمجاة والسلطان منكب على الشطرنج وهو لا يدري ما خبئ له في الغيب، فالتفت إليه السلطان وقال له: "غلقت أبواب الأطباق على المماليك البرجية؟ " فقال له: "نعم". فشكره وأثنى عليه.

وكان المماليك البرجية واقفين بالسيوف في دهليز القصر، فلما فات وقت العشاء تقدم كرجي إلى السلطان وقال له: "يا خجم، أما تصلي العشاء؟ " فقال له السلطان: "نعم". وقام ليصلي العشاء فضربه كرجي بالسيف على كتفه فهدله، فقام السلطان ليأخذ النمجاة فلم يجدها، فقبض على كرجي ورماه إلى الأرض فجاء إليه نوغان الكرماني وأخذ النمجاة وضرب بها السلطان على رجله ضربة قوية فقطعها، فصاح عليه القاضي حسام الدين الرازي: "ويلكم! كيف تقتلون استاذكم؟ ". فانقلب على ظهره السلطان ووقع إلى الأرض ميتا، فتركوه مكانه ومضوا وأغلقوا عليه باب القصر، وتركوا عنده الإمام والقاضي حسام الدين الرازي.

<<  <  ج: ص:  >  >>