وكيف كان تمربغا يمكث في السلطنة والقسمة كانت من القدم لقايتباي؟ … وقد قال القائل في المعنى:
الرزق في الوجوه … للمرء ملتزم
ما هو لمن سمى … إلا لمن قسم
واستمر الملك الظاهر تمربغا في أرغد عيش بثغر دمياط حتى حسن له الشيطان أن ينسحب من ثغر دمياط، فتسحب من هناك كما سيأتي ذكر ذلك في موضعه.
- الملك الأشرف قايتباي
هو الملك الأشرف أبو المنصور سيف الدين قايتباي المحمودي الظاهري. وهو الحادي والأربعون من ملوك الظاهري، وهو الحادي والأربعون من ملوك الترك وأولادهم بالديار المصرية، وهو الخامس عشر من ملوك الجراكسة وأولادهم بمصر.
كان أصله جركسي الجنس، جلبه إلى مصر الخواجا محمود في سنة تسع وثلاثين وثمانمائة، فاشتراه منه الملك الأشرف برسباي هو وعدة مماليك صغار، ضريبة كل مملوك خمسون دينارا. فلما اشتراه أنزله بالطبقة وصار من جملة المماليك الكتابية، واستمر على ذلك حتى توفى الأشرف برسباي، وتسلطن الظاهر جقمق، فاشتراه من بيت المال على يد حاسوك - وصي الملك الأشرف برسباي - هو وعدة مماليك كتابية.
واستمر في رق الظاهر جقمق حتى أعتقه، ثم أخرج له خيلا وقماشا وصار جمدارا، ثم بقى خاصكيا، ثم بقى دوادارا كبيرا. فلما توفى الظاهر جقمق وتسلطن الظاهر بلباي جعله رأس نوبة النوب عوضا عن أزبك بن ططخ لما بقى نائب الشام. ثم لما توفى الظاهر تمربغا جعله أتابك العساكر عوضا عن نفسه، فلما وثب خير بك على الظاهر تمربغا ووقع له ما تقدم ذكره، وقع الاتفاق من العسكر على سلطنته وخلع الظاهر تمربغا، وكان القائم في ذلك طائفة الاينالية والظاهرية.
فلما انكسر خير بك وطائفة الخشقدمية حطم الأمير يشبك بن مهدي كاشف الوجه القبلي مع جماعة من العسكر، فملكوا باب السلسلة وقبضوا على خير بك، فتقلب العسكر على الظاهر تمربغا وأشرف على الخلع. فعند ذلك طلع الأتابكي قايتباي إلى باب السلسلة وجلس بالمقعد الذي به، واشتوروا فيما يكون من الأمر في الظاهر تمربغا، فلم يوافق العسكر على ابقاء الظاهر تمربغا في السلطنة، فأرسلوا خلف أمير المؤمنين المستنجد بالله يوسف، فحضر وحضر القضاة الأربعة - وهم ولي الدين الأسيوطي الشافعي، ومحب