كان اسمه جريج بن ميناهى، وقد أدرك نبوة رسول الله ﷺ، فلما كانت سنة ست من الهجرة (٦٢٧ م) بعث إليه رسول الله ﷺ حاطب ابن أبي بلتعة ﵁ ومعه كتاب رسول الله ﷺ يدعوه فيه إلى الإسلام، فلما دخل حاطب مصر وجد المقوقس بثغر اسكندرية (١)، فتوجه إليه، وكان يصيف بمصر ويشتي بالاسكندرية. فلما دخل عليه ناوله كتاب رسول الله ﷺ، فلما أخذه قبله ووضعه على رأسه، ثم قرأه وعلم ما فيه وقال لحاطب:"نعلم أنه نبي مرسل، وقد أخبرنا المسيح بذلك".
ثم بعث مع حاطب إلى رسول الله ﷺ هدية عظيمة، وهي ألف مثقال من الذهب، وعشرون ثوبا من قباطي مصر، وجارية تسمى مارية وأخرى تسمى شيرين، وغلام خصى يسمى مابور، وبغلة تسمى دلدل، وحمار يسمى عفيرا وقيل يعفور، وعسل من عسل بنها.
وأكرم حاطبا غاية الأكرام وبعثه بتلك الهدية، فلما وصلت إلى النبي ﷺ قبلها منه، واستسلم مارية فأسلمت على يديه، ووهب أختها شيرين إلى حسان بن ثابت، وكانت البغلة والحمار أحب دوابه إليه.
ولما دخل على مارية حملت منه بابراهيم فعاش ثمانية عشر شهرا ومات.
قال ﷺ:"ستفتحون بعدي أرضا يذكر فيها القيراط. فإذا افتتحتموها فاستوصوا بأهلها خيرا فان لهم نسبا وصهرا". قال ابن شهاب:"كنى بالنسب عن هاجر، أم اسماعيل بن ابراهيم الخليل ﵇، فإن أصلها من مصر. وكنى بالصهر عن مارية القبطية، فان أصلها من مصر أيضا".
واستمرا المقوقس قائما بملك مصر نحو إحدى وثلاثين سنة حتى افتتح عمرو بن العاص ﵁ الديار المصرية في سنة عشرين من الهجرة النبوية في خلافة عمر بن الخطاب ﵁ وأرضاه.