وخلع على الأمير جقمق العيسوي واستقر به أمير سلاح على عادته، وخلع على الأمير أقبغا التمرازي واستقر به أمير مجلس، وخلع على الأمير سودون بن عبد الرحمن واستقر به دوادارا كبيرا، وخلع على الأمير قصروه بن عثمان واستقر به أمير آخور كبير، وخلع على الأمير أزبك المحمدي واستقر به رأس نوبة النوب، وخلع على الأمير جقمق العلائي واستقر به حاجب الحجاب، وخلع على المقر السيفي جاني بك البجاسي واستقر به نائب الشام، وأنعم على جماعة من الامراء بتقادم ألف، وعلى جماعة بامريات طبلخانات، وعلى جماعة بامريات عشرة، ثم أنفق على العسكر وفرق الاقطاعات على جماعة منهم.
واستقامت أحواله في السلطنة، وراق له الوقت. ثم أخذ في أسباب تقريب جماعة من حاشية الملك المؤيد شيخ، فخلع على المقر الزيني عبد الباسط بن القرشي خليل واستقر به ناظر الجيوش المنصورة، وقد رقي في أيامه الزيني عبد الباسط حتى صار صاحب الحل والعقد في تلك الأيام. وكان الملك الأشرف لا يتصرف في شيء من أحوال المملكة الا برأي القاضي عبد الباسط. فعظم أمره في تلك الأيام حتى أطلق عليه عظيم الدولة في أيامه واستمر على ذلك في مدة دولة الملك الأشرف كلها. ثم قرب الأمير ناصر الدين التاج واستقر به والى القاهرة على عادته، وكان أصل التاج من الشوبك، وكان جده من النصارى، وكان ينادم الملك الأشرف ولا ينشرح إلا به. وكان التاج واسطة خير، قليل الأذى، لا يتكلم في حق أحد إلا بخير، ليس عنده ضرر، وفيه يقول الشيخ تقي الدين بن حجة:
سبع وجوه لتاج مصر … تقول ما في الوجود شبهى
وعندنا ذو الوجوه يهجى … وأنت تاج بفرد وجه
وقرب أيضا القاضي بدر الدين بن مزهر حتى صار كاتب السر الشريف بالديار المصرية، وقرب جماعة كثيرة من حاشية الملك المؤيد شيخ غير هؤلاء.
[سنة ست وعشرين وثمانمائة (١٤٢٢ م)]
فيها وفي النيل المبارك في ثامن عشر أبيب من الشهور القبطية، ولم يسمع بمثل هذا فيما تقدم من السنين الماضية. وفيه يقول بعض الشعراء:
لما وفى النيل المبارك عاجلا … عم البلاد وللروابي طففا