الأشرف، ودقت له البشائر، ونودى باسمه في القاهرة، وضج الناس له بالدعاء من الخاص والعام.
قيل لما خلع الملك الصالح محمد بن ططر من السلطنة حضر أمير المؤمنين المعتضد بالله داود والقضاء الأربعة، وحضر الأتابكي بيبغا المظفري وسائر الأمراء فاشتوروا فيمن يولونه السلطنة، فقال الأتابكي بيبغا:"الأمير برسباي يكون سلطانا، وهو أحق بها مني". .. فآثره بالسلطنة على نفسه.
وكان الملك الأشرف برسباي يومئذ دوادارا كبيرا ولم يكن أتابك العساكر. وأصله جركسي الجنس، جلبه بعض التجار إلى البلاد الشامية فاشتراه الأمير دقماق المحمدي نائب ملطية مع جملة مماليك صغار. ثم أنه قدمه إلى الملك الظاهر برقوق فأخذه وجعله من جملة المماليك السلطانية ونزل بطبقة الزمامية، وكان أغاته الأمير جركس القاسمي المصارع.
ثم أن الملك الظاهر برقوق أعتقه وأخرج له خيلا وقماشا، ثم بقي خاصكيا، ثم ساقيا في دولة الملك الناصر فرج، ثم التف على شيخ ونوروز لما خامرا بالشام، فلما قتل الملك الناصر فرج وتسلطن الملك المؤيد شيخ جعله أمير عشرة، ثم بقي أمير طبلخانات، ثم بقي مقدم ألف، ثم تولى نيابة طرابلس، ثم قبض عليه الملك المؤيد وسجنه بقلعة المرقب مدة طويلة، ثم أطلقه وأنعم عليه بتقدمة ألف بدمشق، فلما خامر نائب الشام جقمق الأرغون شاوى قبض على برسباي وسجنه بقلعة الشام. فلما توجه ططر إلى الشام وقبض على جقمق نائب الشام وحبسه في قلعة دمشق أفرج عن برسباي وأحضره صحبته إلى القاهرة لما تسلطن بدمشق، ثم أنه خلع عليه واستقر به دوادارا كبيرا عوضا عن الأمير علي باي المؤيدي.
واستمر برسباي على ذلك حتى توفى الظاهر ططر وتسلطن ابنه الصالح محمد، فوقعت الفتن بين الأتابكي جاني بك الصوفي وبين الأمير برسباي فقبض عليه الأمير برسباي وأرسله إلى السجن بثغر الاسكندرية، فعند ذلك خلع الملك الصالح محمد من السلطنة وتسلطن عوضه كما تقدم.
فلما تم أمر برسباي في السلطنة عمل الموكب وخلع من يذكر من الأمراء وهم: المقر الأتابكي بيبغا المظفري واستقر به أتابك العساكر على عادته.
وكان بيبغا هذا عظيم اللسان قليل الكلام بالعربي يابس الطباع، سيئ الخلق، فلم توافق العسكر على سلطنته، فقنع بيبغا بالأتابكية دون السلطنة، فكان كما قيل في المعنى:
إذا منعتك أشجار المعالي … جناها الغض فاقنع بالشميم