وفي ذي الحجة توفي الشيخ تقي الدين السخاوي واسمه أبو بكر بن عبد الرحمن بن محمد القاهري الشافعي، وكان عالما فاضلا بارعا في الحديث، سمع على الحافظ بن حجر وغيره، وكان لا بأس به.
وفيه قدم الزيني محمود بن أجا قاضي قضاة الحنفية بحلب، فأقام بالقاهرة مدة، ثم عاد إلى حلب على وظيفته.
وفيه توفي برسباي العلائي الطويل الظاهري أحد الأمراء الطبلخانات وكان يعرف بالبواب فمات هناك لما خرج في التجريدة.
وتوفي قرقماس المحمدي الظاهري المعروف بالمعلم، وكان أحد الأمراء العشراوات، وكان عارفا بفنون الرمح علامة. وتوفي ملاج الظاهري الجقمقي أحد الأمراء العشراوات وكان دينا خيرا من ذوي العقول. ومما وقع له أنه كان بيده أقطاع خراب وعنده عيال كثيرة أولاد عدة فوقف إلى السلطان وشكا له حاله، وأن أقطاعه خراب لا يحصل له منها شيء، فلم يلتفت السلطان إلى كلامه، فنزل إلى داره ودخل إلى طبقة مهجورة عنده، وعمد إلى سلبة، وربطها في سقف الطبقة، وعمل فيها خية وشنق نفسه بها فمات. وقد هانت عليه نفسه من شدة قهره، وكان ساكنا في الجودرية وراح القتل في كيسه ولم يرث له أحد.
وفيه جاءت الأخبار بقتل صاحب طرابلس الغرب، واسمه أبو بكر بن عثمان بن محمد الحفصي، قتله صاحب تونس وقتل ولده أيضا وجماعة من أعوانه.
وتوفي في السنة المذكورة جماعة كثيرة من الأعيان منهم قاضي الإسكندرية وهو محمد بن محمد عوض المالكي، وكان لا بأس به.
[سنة أربع وتسعين وثمانمائة (١٤٨٨ م)]
فيها، في المحرم، لما طلع القضاة لتهنئة السلطان رسم بعرض نواب الشافعية ونواب الحنفية وكلمهم كلاما مزعجا وأمر بابطال جماعة منهم وجرت أمور يطول شرحها، ثم آل الأمر إلى التحجير عليهم في الأحكام الشرعية وألا يسجنوا الخصم إلا بإذن من القاضي الشافعي والحنفي، وعم ذلك سائر النواب.
وفيه تغير خاطر السلطان على الطواشي خشقدم الزمام وخازنداره ووزيره أيضا، فرسم بالقبض عليه في وسط الحوش وهم بضربه، ثم آل الأمر ألى أن خرج منفيا إلى سواكن، واحتاط على موجوده قاطبة واستمر منفيا إلى أن مات هناك. وكان عنده عسف وظلم وشدة بأس وسفاهة لسان وكان غير مشكور في أفعاله.