وفي يوم الخميس عشريه رسم ملك الأمراء بأربعة مشاعلية تنادي في القاهرة: اثنان يناديان بالتركي، واثنان يناديان بالعربي … ترحموا على الملك المظفر سليم شاه، وادعوا بالنصر للملك المظفر سليمان شاه. فارتجت القاهرة في ذلك اليوم، وتحققوا موت سليم شاه من غير شك، وقالوا سبحان من هد الجبابرة … وأما المماليك الجراكسة فتزايد عندهم الفرح والسرور، واستبشروا بالفرج كما يقال:" مصائب قوم عند قوم فوائد".
فاستمر الأمراء وهم لابسون السواد ثلاثة أيام متوالية وهم يظهرون الحزن على سليم شاه بن عثمان، وكان موته من الغرائب على حين غفلة، لو عاش وصفا له الوقت ما حصل لأحد منه خير، فكفى الله الناس شره.
- الملك سليمان بن سليم
هو التاسع من ملوك الترك وأولادهم بالديار الرومية من بني عثمان، استولى على الروم بالقسطنطينية العظى يوم الأحد ثاني عشر شوال سنة ست وعشرين وتسعمائة وجلس على سرير الملك بعد وفاة أبيه سليم شاه، وصار متملكا على المملكة الرومية والديار المصرية، وما مع ذلك من الممالك، قيل: استولى على الملك وله من العمر نحو ثمان وعشرين سنة، وله أولاد ذكور وإناث، وقيل عنه: إنه من ذوي العقول، وفيه أقول:
سرنا لما ولي سلطاننا … ابن عثمان وصرنا في أمان
وارثا للملك عن أجداده … فهو في الملك سليمان الزمان
وأما ترجمته، فهو سليمان بن سليم شاه الذي أخذ مصر عنوة بالسيف، ثم والده سليم أبو يزيد. ولد سنة إحدى وخمسين وثمانمائة وولي على مملكة الروم، وجلس على سرير الملك يوم السبت تاسع عشر ربيع الأول سنة ست وثمانين وثمانمائة، وتوفي سنة ثماني عشرة وتسعمائة، وكانت مدة سلطنته ببلاد الروم نحو ثلاث وثلاثين سنة.
ثم والده السلطان محمد وهو أول ملك لقب بالسلطان من ملوك الروم، ولد سنة خمس وستين وسبعمائة، وكانت مدة حياته نحو ستين سنة.
ثم والده مارد خان ويدعى غازي أيضا، ولد سنة عشر وسبعمائة. وكانت مدة سلطنته بمملكة الروم إحدى وثلاثين سنة، وعاش من العمر نحو ثمان وستين سنة. (١)
(١) - هذه العبارة من أولها إلى آخرها فيها مخالفات كثيرة لما ذكره المؤرخون. فليكن ذلك معلوما.