ثم والده أبو يزيد المعروف بيلدرم، ويلدرم باللغة التركية اسم البرق، وهو الذي أسره تمرلنك ووضعه في قفص من حديد، وطاف به في البلاد يعجب عليه، وكانت وفاته في القفص الحديد سنة خمس وثمانمائة، وكانت مدة مملكته على بلاد الروم تسع سنين أو نحو ذلك.
ثم أبوه أروخان عاش نحو ثمان وستين سنة.
ثم أبوه علي أردن، ثم أبوه عثمان الثاني، ثم أبوه سليمان ولد في بلاد الروم، وكانت مدة استيلائه هو وعثمان الثاني على مملكة الروم من سنة سبع وثمانين وستمائة، واستمر على ذلك حتى قتل في الغزاة ببلاد الفرنج، وخلف ابنه سليمان. فهؤلاء كلهم من نسل عثمان الثاني، فأطلق عليهم ملوك الروم من بني عثمان، وهم تسعة بالعدد.
وأما جدهم الكبير عثمان، فقالبعض المؤرخين: إنه ولد سنة ثمان وخمسين وستمائة، وعاش تسعا وستين سنة، وأن أصله من عرب الحجاز من وادي الصفراء بالقرب من المدينة النبوية. فلما وقع الغلاء بالمدينة خرج منها عثمان فارا إلى بلاد قرمان فنزل هناك، وكان شجاعا بطلا فتزيا بزي أهل قونيا، وكان ملك الروم يومئذ بيد طائفة يقال لهم: السلجوقية، فصار عثمان في خدمة الأمير علي بن قرمان، فعظم أمر عثمان عنده، ومشى على طريقتهم، وتكلم باللغة التركية، وصار له أتباع كثيرة وأعوان، وعدة عساكر نحو عشرين ألفا. فعند ذلك خرج عن طاعة السلجوقية والقرمانية، وصار له عدة بلاد افتتحها، وصار يغزو بلاد الفرنج في كل سنة، ويغنم أموالهم، ففتح عدة حصون تلي خليج القسطنطينية، ولا زال ملك بني عثمان يكثر وجنودهم تكثر، وأظهروا العدل في الرعية، وعمروا التكايا والزوايا والخوانق.
وكان عثمان يحب العلماء ويقرب الصلحاء، وكان طويل القامة أسمر اللون أقنى الأنف. وقيل: عاش عصمان هذا نحو سبعين سنة، ومات شهيدا في بعض غزوات الفرنج، وهو جد بني عثمان قاطبة.
قال الشيخ تقي الدين أحمد المقريزي: لم يكن في أبناء عثمان من يلقب بملك ولا بسلطان، بل كانوا إذا كاتبهم أحد من ملوك مصر وعظمهم يقول لهم: الخنكار أو الأمير فلان. وقال المقريزي: إنهم ينسبون إلى أبي مسلم الخراساني، صاحب دعوة خلفاء بني العباس، وجعلها إلى العباسية. انتهى ما أوردناه من نسب ابن عثمان، وهذا هو النسب الصحيح عنهم، والله أعلم بحقيقة ذلك.
ومن هنا نرجع إلى خبر الملك المظفر سليمان بن سليم شاه بن عثمان، فالذي أخبر به القوصوني في كتابه أن السلطان سليمان لما جلس على سرير الملك، أظهر العدل في