يشبك الشعباني الدوادار، فعز ذلك عليه وتمنى عود الملك الناصر فرج، فشكا ذلك إلى المقر السعدي ابن غراب في خلوة، فقال له ابن غراب:"لا تهتم لذلك … الملك الناصر عندي مختفي". .. ففرح يشبك بذلك، وقام إلى ابن غراب وقبل رأسه ثم أخذ في أسباب ظهور الملك الناصر فرج.
فلما كان يوم الخميس رابع جمادي الآخرة ظهر الملك الناصر من بيت سودون الحمزاوي الذي عند البركة الناصرية، فلما أشيع ذلك اضطربت القاهرة وماجت، ولبس العسكر آلة الحرب، وصار الأمراء والعسكر فرقتين: فرقة مع الملك الناصر، وفرقة مع أخيه عبد العزيز. وكان من عصبة الملك المنصور عبد العزيز: الأتابكي بيبرس، والأمير سودون المحمدي، والأمير اينال باي ابن قجماس، والأمير سودون المارديني، وجماعة من الأمراء الطبلخانات والعشراوات، وجماعة من العسكر. وكان من عصبة الملك الناصر فرج: المقر السيفي يشبك الشعباني الدوادار، وجماعة كثيرة من الأمراء، وكان أكثر العسكر مع الملك الناصر، فلبسوا آلة الحرب واقتتلوا في ذلك اليوم أشد القتال، فلم تكن إلا ساعة يسيرة حتى انكسر عليهم الملك الناصر فرج، فركب من بيت سودون الحمزاوي وطلع إلى القلعة وملكها، فرسم لأخيه عبد العزيز بأن يدخل إلى دور الحرم فدخلها وأقام بها محتفظا، فكانت مدة سلطنته بمصر شهرين وعشرة أيام، وكان في السلطنة آلة لا ينتفع بها والأمر كله في هذه المدة للأتابكي بيبرس.
- عود الملك الناصر فرج
قال المقريزي: "عاد الملك الناصر فرج إلى السلطنة وجلس على سرير الملك في يوم الخميس رابع جمادي الآخرة من سنة ثمان وثمانمائة، وبايعه الخليفة ثانيا.
فلما جلس على سرير الملك قبض على الأتابكي بيبرس، وقيده وأرسله إلى السجن بثغر الاسكندرية، وأرسل معه جماعة من الأمراء الذين كانوا سببا لسلطنة أخيه عبد العزيز … والذي كان قصد الملك الناصر يفعله بالأتابكي بيبرس في الأول فعله في الآخر، كما قيل في المعنى:
قالت ترقب عيون الحي ان لها … عينا عليك إذا ما نمت لم تنم
ثم أن الملك الناصر عمل الموكب وخلع على من يذكر من الأمراء وهم: المقر السيفي تغرى بردى واستقر به أتابك العساكر بمصر عوضا عن بيبرس، وأنعم على جماعة من