وفيه رسم السلطان باحضار جماعة من الأمراء العشراوات وكان العادل تفاهم إلى دمياط فحضروا جملة واحدة، وكانوا نحوا من ثمانية أنفار.
ومن الحوادث الشنيعة أن طائفة المماليك وقفوا وقت طلوع الفجر إلى القاضي شمس الدين أبي المنصور مباشر العادل فقتلوه وهو خارج من بيته الذي بالمقس طالع إلى القلعة، فقتله بعض المماليك بخنجر في بطنه فمات من يومه ولم تنتطح في ذلك شاتان، كما وقع لأبي البقا بن الجيعان في البندقانيين وهو طالع من بيته إلى القلعة، وكان أبو المنصور من أعيان المباشرين ورأى غاية العز والعظمة أيام أقبردي الدوادار، وباشر عدة جهات سنية في أيامه، ثم من بعد أقبردي التجأ إلى العادل طومان باي من حين كان دوادارا كبيرا وخرج معه إلى الشام في تجريدة "قصروه"، فلما عاد وهو سلطان تزايدت عظمة أبي المنصور عنده وجعله متكلما في الخزائن الشريفة مع صلاح الدين ابن الجيعان، وكان أصله من بني الأقباط وكان لا بأس به.
وفي يوم الثلاثاء حادي عشرينه (١) تغير خاطر السلطان على قاضي قضاة الشافعية محيي الدين عبد القادر بن النقيب فعزله عن القضاء ورسم بنفيه إلى قوص، فتوجه إليه نقيب الجيش وأركبه على حمار وتوجه به إلى البحر، فشفع فيه بعض الأمراء من النفي وقرر عليه مال، فكانت مدته في هذه الولاية الثانية ثلاثة عشر يوما لا غير، فإنه أعيد إلى القضاء بعد عزل قاضي القضاة زكريا في يوم الخميس ثامن ذي الحجة، وعزل عن القضاء في يوم الثلاثاء حادي عشرين ذي الحجة فهي ثلاثة عشر يوما سوى.
وفي يوم الخميس ثاني عشرينه طلب السلطان الشيخ برهان الدين إبراهيم بن أي شريف المقدسي، فخلع عليه وقرره في قضاء الشافعية بمصر عوضا عن عبد القادر بن النقيب، فكان له يوم مشهود لما شق من القاهرة وهو لابس التشريف، وكان كفؤا للمنصب.
وفيه اضطربت الأحوال وأرتج الأمر على السلطان من قبل المماليك بسبب نفقة البيعة، فشكا السلطان بأن الخزائن خالية من المال، فإن المماليك ثائرة بسبب النفقة وقد كثر العسكر من سائر الطوائف ما بين ظاهرية وأشرفية واينالية وخشقدمية وقايتبايهية وناصرية ومماليك الظاهر قانصوه ومماليك الأشرف جان بلاط ومماليك العادل طومان باي ومماليك النواب والأمراء الذين قتلوا ممن تقدم ذكرهم، وقد صار كل أحد منهم يروم