للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الذي بقناطر الأوز. وكان أنشأ به جوسقا مطلا على البركة التي هناك، فأقام به أياما. فلما بلغ الأمير تمراز ذلك توجه إليه، وتلطف به في عوده إلى داره، فلم يوافق على ذلك، واستمر مصمما على عدم عوده. وبقي هناك أياما.

ثم أن السلطان أرسل إليه قانصوه خمسمائة، وشكه في الحديد، وطلع به إلى القلعة وهو ماش. فلما مثل بين يديه، وبخه بالكلام، وقصد أن يفتك به، ثم آل أمره من بعد ذلك إلى أن أخرجه منفيا إلى دمشق، صحبة الأتابكي أزبك، لما خرج إلى التجريدة المقدم ذكرها. فسجن هناك، وجرى عليه شدائد ومحن إلى الغاية، واستمر منفيا إلى أن مات بمكة المشرفة كما سيأتي الكلام على ذلك. وكان خاير بك من أخصاء السلطان، وكان من أكبر أصحابه، ومن حين كان السلطان خاصكيا، فانقلب عليه كأنه لم يعرفه قط. فكان كما يقال: "ثلاث لا يؤمن إليهم: المال وإن كثر، والملوك وإن قربوا، والمرأة وإن طالت صحبتها."

وفيه طلع الأمير لاجين الظاهري إلى السلطان، واستعفى من أمرية مجلس، وذكر للسلطان أنه قد شاخ وكبر سنه وعجز عن الحركة. فأعفاه السلطان من ذلك، ورتب له ما يكفيه، واستمر طرخانا إلى أن مات.

وفيه خلع السلطان على الشيخ ناصر الدين بن الأخميمي الحنفي، أحد أئمة السلطان، وقرره في مشيخة البرقوقية، عوضا عن قاضي القضاة الأمشاطي.

وفيه خرج المحمل في تجمل زائد من القاهرة، وكان أمير الركب بالمحمل، تغري بردى ططر، أحد الأمراء المقدمين، وأمير الركب الأول يشبك ابن حيدر وإلى القاهرة.

*****

وفي ذي القعدة وصلت جثة الأمير يشبك الدوادار من الرها، وهي في سحلية، وهي جثة بغير رأس، فوقع الشك فيها هل هي جثته، أم لا. فوجدوا بها أمارات تدل على أنها جثته، فكفنوها ودفنوها في تربته التي أنشأها عند زاوية كهنبوش. وتحقق موته وانقطعت الإشاعات بأنه في قيد الحياة. وحضر صحبة جثته قانصوه دواداراه وأخبر بحقيقة موته، وكيفية أمر الواقعة، ومن أسر من الأمراء وأخبر بقتل قانم، قريب السلطان، الذي كان أتابك العساكر بحلب. قتل علي ماردين من جملة من قتل من العسكر، وكان شجاعا بطلا لا بأس به. فلما ثبت موت يشبك زال أمره كأنه لم يكن.

<<  <  ج: ص:  >  >>