وقبضوا في ذلك اليوم على ثمانية وستين أميرا ما بين أمراء طبلخانات وأمراء عشراوات، حتى ارتجت في ذلك اليوم القاهرة وكادت أن تخرب عن آخرها.
وكان الأمير يلبغا ومنطاش لما أتوا إلى القاهرة دخلوا ومعهم السواد الأعظم من التراكمة ومن العربان وغير ذلك من عساكر البلاد الشامية والبلاد الحلبية، فلما أرادوا أن يدخلوا إلى المدينة وجدوا أبواب القاهرة مقفلة، فجاء الأمير ناصر الدين استادار الأمير ارغون اشكى - وكان قد حضر من الشام صحبة العسكر - فأتى إلى باب النصر فوجده مقفلا، فدق الباب فلم يفتحوا له، فدخل من باب سر جامع الحاكم وهو راكب على فرسه وفتح باب النصر وباب الفتوح، فدخل السواد الأعظم إلى القاهرة، فنهبوا عدة دكاكين من سوق باب النصر من البضائع والمآكل وغير ذلك، واستمر النهب عمالا من باب النصر إلى الركن المخلق، وقد تدرجوا إلى نهب البيوت، واضطربت القاهرة وماجت بأهلها.
فلما بلغ الأمير يلبغا ومنطاش ذلك أرسلوا جماعة من رءوس النوب ومن الحجاب وطردوا من يفعل ذلك، ونادوا في القاهرة بالأمان والاطمئنان، وأن من نهب شيئا يرده والا يشنق، فانكف الناس عن النهب، وتركوا جماعة من الحجاب في أماكن من القاهرة، فسكن الأمر قليلا وخمدت الفتنة.
ثم أن الأمراء تكلموا مع الأمير يلبغا الناصري ومنطاش في أمر هؤلاء الامراء الذين أمسكوا، فأفرج الأمير يلبغا عن جماعة من الأمراء الطبلخانات والأمراء العشراوات أحدا وعشرين أميرا، وأفرج عن الأمير شيخ الصفوي ورسم له بأن يتوجه إلى القدس بطالا، ورتب له ما يكفيه. ثم أن الأمير يلبغا قيد بقية الأمراء وأرسلهم إلى السجن بثغر الاسكندرية، وقد تقدم ذكر أسمائهم.
ثم أن الأمير يلبغا رسم بأن يفرج عن جماعة من الأمراء، ممن كان مسجونا بثغر الاسكندرية، فحضروا إلى القاهرة، وهم: الأمير الطنبغا الجوباني، والأمير الطنبغا المعلم، والأمير قردم الحسني، وغير ذلك من الأمراء الذين كانوا في السجن بثغر الاسكندرية.
فلما تم الأمر للملك المنصور أمير حاج في السلطنة، عمل الموكب، وخلع على من يذكر من الأمراء وهم: المقر السيفي يلبغا الناصري واستقر أتابكي العساكر بالديار المصرية عوضا عن الأتابكي أيتمش البجاشي، وخلع على المقر السيفي قرا دمرداش الأحمدي واستقر أمير سلاح عوضا عن سودون السيفي تمر باي باق، وخلع على المقر الشهابي أحمد ابن الأتابكي يلبغا العمري واستقر أمير مجلس على عادته، وخلع على المقر السيفي الطنبغا الجوباني واستقر رأس نوبة النوب عوضا عن قرا دمرداش الأحمدي، وخلع على المقر السيفي تمر باي الحسنى واستقر به حاجب الحجاب عوضا