للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حتى يطلع إلى القلعة وهو سائق. فلما دخل الحوش اراد أن يقتل أخويه حاجى وحسينا، فلم يفتح له الخدام باب الدهيشة، فرجع إلى بيت أمه واختفى فيه، وكانت أمه ساكنة بالقلعة.

هذا ما كان من أمر الملك الكامل شعبان بعد كسرته. وأما ما كان من أمر الأمراء الذين وثبوا على السلطان، فانهم لما انكسر السلطان وولى مهزوما، قبضوا على الأمراء الذين كانوا معه وشكوهم في زناجير، وأما مقدم المماليك جوهر السجرني فانه كان واقفا تحت الصنجق فقطعوه بالسيوف، ثم ساقوا إلى الرميلة وطلعوا من السلسلة إلى القلعة، فوقفوا على باب الستارة وقالوا للخدام: "أين ابن أستاذنا سيدي حاجى؟ " فقالوا لهم: "في الدهيشة هو وأخوه سيدي حسين" فدخلوا الحوش، وطلعوا الدهيشة، وأخرجوا سيدي حاجى وقبلوا له الأرض وقالوا له أنت سلطاننا

ثم أنهم طلبوا الملك الكامل شعبان فلم يجدوه، فقال لهم بعض الخدام: "قد اختفى في بيت أمه". فهجموا عليه في بيت أمه فلم يجدوه، فأمسكوا الجواري وأرادوا توسيطهم، فأقروا بأنه في بيت الأزيار، فهجموا عليه فوجدوه واقفا بين الأزيار وقد ابتلت أثوابه بالماء، فقبضوا عليه ومضوا به إلى الدهيشة وسجنوه في المكان الذي كان به أخواه.

قال الشيخ صلاح الدين الصفدي، حكى لي الأمير ستبغا - استدار الصحبة - قال:

"هيأنا السماط على أن الملك الكامل شعبان يأكل منه، ثم أفردنا منه شيئا لسيدي حاجى وسيدي حسين اللذين كانا في السجن بالدهيشة، فخرج إلى السماط سيدي حاجى وجلس في صدره وأكل منه، ثم دخلنا بالطعام الذي كنا أفردناه لسيدي حاجى وأخيه حسين إلى الملك الكامل شعبان فأكل منه وهو في السجن الذي كان فيه أخواه … ". فسبحان القادر على كل شيء … إن في الليل والنهار عجائب. وقد قال القائل:

لا تأمنن للدهر وهو مسالم … سلس القياد فقد يكون محاربا

واحذر تقلبه، ولا تعجب له … ان اركب الماشي وأمشي الراكبا

وقال آخر:

كم حاربتني شدة بجيشها … فضاق صدري من لقاها وانزعج

حتى إذا آيست من زوالها … جاءتني الألطاف تسعى بالفرج

<<  <  ج: ص:  >  >>