أمير مجلس لما نفى الأتابكي جرباش كرت إلى ثغر دمياط عندما بقي قانم التاجر أتابك العساكر، ثم بقي أتابك العساكر في دولة الملك الظاهر بلباي عندما تسلطن.
فلما ركب المؤيدية وانكسر الأمير يشبك الفقيه خلعوا الظاهر بلباي من السلطنة، ثم وقع الاتفاق من الأمراء على سلطنة الأتابكي تمربغا، فأحضروا الخليفة والقضاة الأربعة وبايعوا الأتابكي تمربغا بالسلطنة، وذلك في يوم السبت سابع جمادي الأولى سنة اثنتين وسبعين وثمانمائة، فلبس خلعة السلطنة من الحراقة التي في باب السلسلة، وركب من سلم المقعد، وطلع من باب سر القصر الكبير، وحمل القبة والطير على رأسه المقر السيفي قايتباي رأس نوبة النوب.
فلما جلس على سرير الملك باس له الأمراء الأرض، وتلقب بالملك الظاهر أيضا، ودقت له الكئوسات بالقلعة، ونودى باسمه في القاهرة، وضج الناس له بالأدعية الفاخرة، وفرح غالب الناس بولايته لأنه كان رجلا عاقلا عارفا بأحوال المملكة.
وكان كفئا للسلطنة، وقد اشتمل على جملة من المحاسن في علم الفروسية وغير ذلك من سائر الفنون حتى كان يزن بيده في القبان، وكان يعقد البركاوات الحرير بيده، وله غير ذلك محاسن كثيرة في فنون لعب الرمح والنشاب … ولكن لم يساعده الزمان، وجنى عليه وخان، فلم تكن حركاته سعيدة، ولم تكن أيامه مديدة، فكان كما قيل في المعنى:
اني تأملت الزمان وفعله … في خفض ذي شرف ورفع الأرذل
كطبائع الميزان في أفعاله … تضع الرواجح والنواقص تعتلى
فلما تم أمره في السلطنة عمل الموكب بالقصر الكبير، وخلع على من يذكر من الأمراء وهم: المقر السيفي قايتباي المحمودي واستقر به أتابك العساكر عوضا عن نفسه، وخلع على المقر السيفي جاني بك قلقسير واستقر به أمير سلاح عوضا عن قنبك المحمودي، وخلع على المقر السيفي خيربك واستقر به دوادارا كبيرا عوضا عن يشبك الفقيه، وخلع على المقر السيفي خشكلداي اليسقي واستقر به رأس نوبة النوب عوضا عن قايتباي المحمودي، وخلع على المقر السيفي تمر الوالي واستقر به حاجب الحجاب عوضا عن بردبك هجين لما بقي أمير آخور كبير، وخلع على الأمير كسباي الخشقدمي واستقر به دوادار ثانيا عوضا عن الأمير خيربك.
وفي تلك الأيام كتب الأمير كسباي كتابه على خوند بنت الملك الأشرف اينال، ولكنه لم يدخل عليها.