للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نحو من شهرين، وكان مبتدأ ذلك في ربيع الأول سنة أربع وثمانين وسبعمائة، وفي ذلك يقول الأديب عيسى بن حجاج:

جسر الخليلي المقر لقد رسا … كالطود وسط النيل كيف يريد

فاذا سألتم عنهما قلنا لكم: … ذا ثابت دهرا، وذاك يزيد

وقال ابن العطار :

راع الخليلي قلب الماء حين طغى … بنى عليه لذا جسرا وجبره

رأى ترمل أرضيه وحدتها … والنيل قد خاف يغشاها فجسره

فلما زاد الماء وبلغ ثمانية عشر ذراعا أكل ذلك الجسر الذي تعب عليه الخليلي، ولم يفد من ذلك شيئا، وزاد النيل في تلك السنة زيادة لم يعهد مثلها … وفي ذلك يقول بعض الشعراء:

قد قطع النيل جسر مصر … ولم يراعى له خليل

تياره صال مثل سيف … يقطع والما له نصول

وفي هذه السنة زاد شر العربان في البحيرة حتى نهبوا المغل في البلاد. فلما بلغ الأتابكي برقوق ذلك عين لهم تجريدة فيها ستة أمراء مقدمين وخمسمائة مملوك. فلما توجه الأمراء إلى هناك هرب منهم العرب فغنم منهم العسكر نحو ثلاثة آلاف رأس غنم، ومثلها جمال، ومثلها معز، فأخذ العسكر ذلك ورجعوا إلى القاهرة.

ومن الحوادث في تلك السنة أن في يوم الثلاثاء ثامن عشر شهر رمضان رقد الأتابكي وقت القائلة في البيت الذي بباب السلسلة، وكان عنده شخص من الخاصكية يكبسه يقال له الشيخ الصفوي، فلما أراد برقوق أن يستغرق في النوم اتكأ الشيخ الصفوي على جنبه بالقوى، فقعد برقوق على حيله وقال: "ايش الخبر؟ ". .. فقال له الشيخ الصفوي: "إن مملوكك أيتمش الخاصكي اتفق معه جماعة من مماليك الأسياد أنهم يدخلون عليك في هذه الساعة ويقتلونك". .. فسكت برقوق ساعة ثم أن أيتمش المذكور دخل البيت على برقوق فقام إليه برقوق وأخذ قوس كباد كان إلى جانبه وضرب به أيتمش ضربة فرماه إلى الأرض. فلما وقع قال له برقوق: "يا … الذي يريد قتل الملوك يقع إلى الأرض من فرد ضربة؟ ". .. ثم قام برقوق وقبض عليه وسجنه في بعض أبراج باب السلسلة، ثم خرج

<<  <  ج: ص:  >  >>